من إحدى الطهارتين، فهذان الوضوءان إما أن يكونا معا واجبين أو مندوبين أو الأول واجبا والثاني مندوبا أو بالعكس، وعلي التقادير الأربعة إما أن تعتبر القربة خاصة أو يضم إليها الوجه فقط أو يضم إلى ذلك أحد الأمرين من الرفع والاستباحة، وحيث إنه لا دليل عندنا على زيادة شئ وراء القربة فالصلاة المذكورة صحيحة، لأن الاخلال إن كان من الأولى فالثانية صحيحة عندنا، وإن كان من الثانية فالأولى صحيحة اتفاقا، فلا حاجة إلى إعادتها ولا إعادة الطهارة، وأما على تقدير ضم شئ آخر إلى القربة ففيه تفاصيل يلزم في بعضها إعادة كل من الوضوء والصلاة، ولا ثمرة مهمة عندنا في تطويل الكلام بالبحث عن تلك الشقوق، مع ضرورة صرف الوقت فيما هو أهم من ذلك، ومن أحب الوقوف عليها فليرجع إلى مطولات أصحابنا (شكر الله تعالى سعيهم) وأيضا فإنا قررنا في هذا الكتاب أن لا نطول البحث إلا في موضع أغفلوا تحقيقه، إلا أن الشهيد في البيان نقل عن السيد جمال الدين ابن طاوس (قدس سره) عدم الالتفات إلى هذا الشك مطلقا لاندراجه تحت الشك في الوضوء بعد الفراغ، واستوجهه أيضا، وقواه العلامة في المنتهى، قال في المدارك بعد نقل ذلك تبعا لما لخصه في الذكرى:
" ويمكن الفرق بين الصورتين بأن اليقين هنا حاصل بالترك وإنما حصل الشك في موضعه بخلاف الشك بعد الفراغ، فإنه لا يقين فيه بوجه، والمتبادر من الأخبار المتضمنة لعدم الالتفات إلى الشك في الوضوء بعد الفراغ من الوضوء المتحد الذي حصل الشك فيه بعد الفراغ منه " انتهى. وفيه أن يقين حصول الترك إنما حصل بالنظر إلى الوضوئين معا أما بالنظر إلى كل واحد على حدة فإنه غير متيقن الترك بل مشكوكه، لأصالة الصحة واحتمال كون الترك من الآخر، نظير ما قرره (قدس سره) في مسألة الإناءين المتيقن وقوع النجاسة في أحدهما من أن كل واحد متيقن الطهارة مشكوك النجاسة، (الصورة الثانية) - وهي الأولى بعينها ولكنه صلى بالوضوء الأول فرضا وبالثاني فرضا آخر من غير تخلل حدث، وقد صرح الشيخ في المبسوط بوجوب إعادة