فأما البول والمذي فقد عرفت حكمهما، وأما المني فسيأتي إن شاء الله تعالى حكمه في بابه، وأما الاثنان الباقيان فطهارتهما وعدم انتقاض الوضوء بهما متفق عليه فتوى، وهو الأشهر نصا.
ومن الأخبار المشتملة على تفصيل ذلك مرسلة ابن رباط المشار إليها آنفا عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: (يخرج من الإحليل المني والمذي والوذي والودي فأما المني فهو الذي تسترخي له العظام ويفتر منه الجسد، وفيه الغسل، وأما المذي فإنه يخرج من الشهوة ولا شئ فيه، وأما الودي فهو الذي يخرج بعد البول، وأما الوذي فهو الذي يخرج من الأدواء، ولا شئ فيه) قوله (عليه السلام): (يخرج من الأدواء) جمع داء وهو المرض، ولعل المعنى أنه يخرج بسبب الأمراض، ونقل بعض مشايخنا عن بعض نسخ الإستبصار: (الأوداج) بدل (الأدواء) قال: (وكأنه أريد بها العروق مطلقا وإن كان الودج في الأصل عرق العنق) انتهى.
وقال الصدوق في الفقيه (2): (وهي أربعة أشياء: المني والمذي والوذي والودي إلى أن قال: والمذي ما يخرج قبل المني، والوذي ما يخرج بعد المني على أثره، والودي ما يخرج على أثر البول... الخ).
وابهام حكم الودي في الخبر المذكور - وعدم التعرض لحكمه - غير ضائر بعد اجماع الفرقة المحقة على طهارته وعدم نقضه، كما هو صريح كلام شيخنا الصدوق هنا وغيره، ودلالة ما قدمنا (3) من الأخبار الحاصرة الدالة على عدم النقض بأمثاله، لكن روى الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) قال: (ثلاث يخرجن من الإحليل، وهن: المني ومنه الغسل والودي ومنه الوضوء لأنه يخرج من دريرة البول، قال: والمذي ليس فيه وضوء، إنما ه وبمنزلة ما يخرج من الأنف)