من فوق إلى أسفل، فينصرف في قوله تعالى: "... فاغسلوا وجوهكم... " (1) إليه لم يكن بعيدا " انتهى.
وفيه (أولا) - أنه لو تم لزم عدم اجزاء غمس الوجه واليد في الماء، وهو لا يقول به، وكذا عدم وجوب غسل الإصبع الزائدة، مع أنهم اتفقوا على الوجوب.
و (ثانيا) - ما حققه بعض المحققين (طيب الله مرقده) من أن المتبادر بحسب التصور والتخيل غير ملزوم للمتبادر بحسب التصديق بأنه مراد، كما في اطلاق اللفظ المشترك من غير قرينة. وتحقق الثاني هنا على وجه بين واضح محل التردد، والتسمك به مشكل. انتهى.
وأما الاستدلال بما رواه في الفقيه (2) مرسلا - من قوله: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " - ففيه من الاجمال - مضافا إلى ما هو عليه من الارسال، وبسط جملة من متأخري أصحابنا في رده لسان المقال - ما يوجب الاعراض عنه في هذا المجال، مع أن الأدلة - بحمد الله تعالى - على ما اخترناه واضحة المنار ساطعة الأنوار، كما تلوناه عليك وأوضحناه لديك.
فائدة قال السيد السند في المدارك: " واعلم أن أقصى ما يستفاد من الأخبار وكلام الأصحاب وجوب البدأة بالأعلى، بمعنى صب الماء على أعلى الوجه ثم اتباعه بغسل الباقي وأما ما تخيله بعض القاصرين - من عدم جواز غسل شئ من الأسفل قبل غسل الأعلى وإن لم يكن في سمته - فهو من الخرافات الباردة والأوهام الفاسدة " انتهى. ونسج على منواله في هذه المقالة جملة ممن تأخر عنه.