ويمكن الجمع بين الأخبار المذكورة بحمل موثقة أبي بصير وصحيحة منصور ونحوهما على ما دلت على صحيحة زرارة وصحيحة منصور الأخرى من التذكر قبل غسل العضو الأخير أو مسحه، وحينئذ فيحمل لفظ الإعادة فيها على أصل الغسل مشاكلة لمال بعده، ويحتمل أيضا - كما ذكره بعض - حمل الموثقة المذكورة وأمثالها على ما إذا كان قد غسل العضو الأخير بقصد أنه مأمور به على هذا الوجه. فإنه تجب الإعادة عليه لكون ذلك تشريعا محرما، والروايات الآخر على ما إذا غسله لا من هذه الحيثية بل من حيث إنه جزء من الوضوء وإن كان بالقصد الحكمي المستمر كما في سائر الأجزاء، ولا يخفى ما فيه من البعد. والجمع بين الأخبار بالتخيير لا يخلو من قرب، وربما كان ذلك هو الظاهر من كلام الفقيه حيث نقل الخبرين المذكورين مع ظهورهما في التنافي ولم يجمع بينهما وقد ذكر بعض مشايخنا المتأخرين أن هذا دأبه فيما إذا لم يجمع بين الخبرين المتنافيين.
(المسألة الرابعة) - وجوب المباشرة مع الامكان - وعدم التولية في كل من الطهارات الثلاثة - هو المشهور بين الأصحاب، بل ادعى عليه في الإنتصار الاجماع ونقل عن ابن الجنيد أنه قال: " يستحب أن لا يشرك الانسان في وضوئه غيره بأن يوضئه أو يعينه عليه " ولا ريب في ضعفه، لأن المتبادر من الأوامر الدالة على الغسل والمسح كتابا وسنة مباشرة المتوضئ ذلك، لأن اسناد الفعل إلى فاعله هو الحقيقة وغيره مجاز لا يحمل عليه إلا مع الصارف عن الأول.
ويدل على ذلك رواية الوشاء (1) قال: " دخلت على الرضا (عليه السلام) " وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة، فدنوت لا صب عليه فأبى ذلك وقال مه يا حسن، فقلت له: لم تنهاني أن أصب عليك، تكره أن أوجر؟ قال: تؤجر أنت وأؤزر أنا. فقلت له وكيف ذلك؟ فقال: أما سمعت الله يقول: " فمن كان يرجو لقاء