قلنا: لا تخرجوا عن قانون الكلام في فروع الفقه وتمزجوه بغيره مما يحوج إلى الكلام في أصول الديانات التي تستعفون أبدا من الخوض فيها وأكثركم والغالب عليكم ليس من رجالها، ولا تذكرونا في هذا الباب ما قد تركنا الإلمام به مقاربة ومساهلة، فأنتم تعلمون أن الشيعة الإمامية تعتقد فيمن يخالفها في الأصول ما يمنع من أن يراعى قوله في إجماع المسلمين أو خلافه (١) وينتهون في ذلك إلى غايات بعيدة لا تنتهون فيهم إليها فإنكم إذا بلغتم الغاية اعتقدتم فيهم أنهم أصحاب بدع يكونون بها فساقا ولا ينتهون إلى الكفر، والفاسق عند أكثر القائلين بالإجماع لا يخرج بفسقه من أن يكون قوله خلافا في الشريعة، وهذا فصل الإضراب عن تحقيقه أعود إليكم وأسلم لكم فما فرج الإمامي إلا في أن يعدل معه إلى هذا الضرب من الكلام فإنه يتسع له منه ما لا يتسع من الكلام على فروع الفقه.
على أنه كيف لا يعد خلافا من جعل النبي (صلى الله عليه وآله) مذاهبهم حجة يرجع إليها ويعول عليها كالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في قوله " صلى الله عليه وآله ": إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (٢) أوليس قد ذهب كثير (٣) من علماء المعتزلة ومحصليهم إلى أن إجماع أهل البيت خاصة وإن انفردوا عن باقي الأمة حجة يقطع بها؟ فمن إجماعهم حجة بشهادة الرسول