وبعد، فإذا سلم لكم ذلك على ما فيه فيجب أن تعذروا الشيعة خلافا فيما انفردوا به فيما يخالف مذاهب أبي حنيفة التي استدركها بالقياس، ولا سلف له فيها ولا إجماع تقدم عليها، وما نراكم تعدونهم خلافا في شئ مما انفردوا به ولا تنوعون (١) ذلك حسب ما أفضى (٢) الكلام الآن إليه.
على أنكم تعتدون بخلاف داود بن علي ومحمد بن جرير وابن حنبل في المسائل التي تفردوا بها وعندكم أن الإجماع السالف منعقد على خلافها وتناظرونهم عليها فألا أسقطتم الاعتداد بهم في الخلاف والمناظرة لهم في هذه المسائل كما فعلتم مع الشيعة؟ أو أجريتم الشيعة مجراهم في الاعتداد والمناظرة؟
فإن قالوا: لو كان ما يدعيه الشيعة في مذاهب الصادق والباقر عليهما السلام حقا لوجب أن نعلمه كما علموه، ويزول الخلاف فيه منا كما علمت الشيعة بمذاهب سلفنا من أبي حنيفة والشافعي وغيرهما ممن تقدمهما.
قلنا: ليس يجب أن يعلم الأجانب والأباعد من مذهب العالم ما يعلمه أصحابه وخلصاؤه وملازموه ومؤانسوه، ولهذا لا نعلم كثيرا (٣) من مذاهب أبي حنيفة وإنما يعلمها (٤) أصحابه والمنتمون إليه فمن هو أخص بالصادق والباقر " عليهما السلام " من أصحابهما وشيعتهما أعلم بمذاهبهما ممن ليست له هذه الصفة معهما (عليهما السلام).
على أنا لا نعلم كثيرا من المذاهب التي يدعيها مخالفونا مذهبا لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ونروي عنه ونحكي خلاف ما يروون ويحكون (٥) فعذرهم في