حنيفة ومالك والشافعي (١) بما فيه كفاية وسلكنا معهم أيضا طريق القياس الذي هو صحيح على أصولهم، وبينا أن القياس إذا صح كان شاهدا لنا في هذه المسألة، وذكرنا ما يروونه وهو موجود في كتبهم وأحاديثهم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا (٢).
فإن قيل: إن ابن حي يحدد الكر - على ما حكاه الطحاوي عنه - بما بلغ ثلاثة آلاف رطل (٣) وأنتم تحددونه بألف ومائتي رطل بالمدني، قلنا ما ادعينا أن مذهب ابن حي يوافقنا من كل وجه وأنتم لم تعيبوا على الشيعة بتحديد الكر بالأرطال وإنما عبتم اعتبار الكر فيما لا ينجس.
وبعد فإن تحديدنا الكر (٤) بالأرطال التي ذكرناها أولى من تحديد ابن حي لأنا عولنا في ذلك على آثار (٥) معروفة مروية وإجماع فرقة قد دل الدليل على أن فيهم الحجة، وابن حي لا يدري كيف حدد بثلاثة آلاف رطل ولا على ماذا اعتمد فيه على أن ابن حي يجب أن يكون عند أبي حنيفة وأصحابه، والشافعي أحق بالعيب من الشيعة، لأن تحديد الشيعة أقرب إلى تحديد الشافعي من تحديد ابن حي لأن ما بين القلتين (٦) - وهما حد الشافعي - وبين ألف رطل ومائتي رطل أقرب