الشبهة (١) المعترضة فيه وها أنا ذا مبتدئا بذلك ومعتمدا من الإيجاز والاختصار ما لا يخل بمهم وإن كان خارجا عن إكثار يفضي إلى إملال وإضجار وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وبه استعنت واعتصمت.
ومما يجب تقديمه - فهو الأصل الذي عليه يتفرع ما نحن بسبيله ومنه يتشعب - أن الشناعة إنما تجب في المذهب الذي لا دليل عليه يعضده (٢)، ولا حجة لقائله فيه فإن الباطل هو العاري من الحجج والبينات البري من الدلالات فأما ما عليه دليل يعضده وحجة تعمده فهو الحق اليقين ولا يضره الخلاف فيه وقلة عدد القائل به، كما لا ينفع في الأول الاتفاق عليه وكثرة عدد الذاهب إليه، وإنما يسأل الذاهب إلى مذهب عن دلالته على صحته وحجته القائدة له إليه لا عمن يوافقه فيه أو يخالفه.
على أنه لا أحد من فقهاء الأمصار إلا وهو ذاهب إلى مذاهب تفرد بها مخالفوه كلهم على خلافها فكيف جازت الشناعة على الشيعة بالمذاهب التي تفردوا بها ولم يشنع على كل فقيه كأبي حنيفة والشافعي ومالك ومن تأخر عن زمانهم بالمذاهب التي تفرد بها؟ وكل الفقهاء على خلافه فيها، وما الفرق بين ما انفردت به الشيعة من المذاهب التي لا موافق لهم فيها وبين ما انفرد به أبو حنيفة أو الشافعي من المذاهب التي لا موافق له فيها؟
فإن قالوا: الفرق بين الأمرين: أن كل مذهب تفرد به أبو حنيفة فله موافق من فقهاء أهل الكوفة فيه، أو من السلف المتقدم وكذلك ما تفرد به الشافعي له فيه موافقون من أهل الحجاز من السلف، وليس كذلك الشيعة.
قلنا: ليس كل مذهب تفرد به أبو حنيفة أو الشافعي يعلم أن أهل الكوفة