ومسائل التعصيب لا تحصى كثرة.
وحجتنا على صحة ما نذهب إليه في هذه المسائل كلها: ما بينا صحته من إبطال التعصيب والتوريث به.
فإن قيل: إذا كنتم تستدلون على أن العمات يرثن مع العمومة، وبنات العم يرثن مع بني العم وما أشبه ذلك من المسائل بقوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) (١) الآية ففي هذه الآية حجة عليكم في موضع آخر، لأنا نقول لكم: ألا ورثتم العم أو ابن العم مع البنت بظاهر هذه الآية، وكيف خصصتم النساء دون الرجال بالميراث في بعض المواضع وخالفتم ظاهر الآية؟ فألا ساغ لمخالفكم مثل ما فعلتموه!
قلنا: لا خلاف في أن قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) الآية، أن المراد به مع الاستواء في القرابة والدرج ألا ترى أنه لا يرث ولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا مع الولد لعدم التساوي في الدرجة والقرابة، وإن كانوا يدخلون تحت التسمية بالرجال والنساء.
وإذا كانت القرابة والدرجة مراعاتين فالعم أو ابنه لا يساوي البنت في القربى والدرجة وهو أبعد منها كثيرا. وليس كذلك العمومة والعمات وبنات العم وبنو العم، لأن درجة هؤلاء واحدة وقرباهم (٢) متساوية والمخالف يورث الرجال منهم دون النساء، فظاهر الآية حجة عليه وفعله مخالف لها، وليس كذلك قولنا في المسائل التي وقعت الإشارة إليها وهذا واضح فليتأمل.