يستحل دمه بذلك (١).
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه: بعد الإجماع المتردد أن سب النبي (صلى الله عليه وآله) وعيبه والوقيعة فيه ردة من المسلم بلا شك والمرتد يقتل. وأما الذمي وإن لم يكن بذلك مرتدا، لأن حقيقة الردة هي الكفر بعد الإيمان، والذمي ما كان مؤمنا فصار كافرا، بل كفره متقدم، لكن هذا وإن لم يكن منه ردة فهو خرق للذمة واستخفاف بالشريعة ووضع منها ومن أهلها وببعض هذا يبرأ من الذمة التي حقن بها دمه فحينئذ يكون دمه مباحا من الوجه الذي ذكرناه.
فأما ما يستدل به أصحاب أبي حنيفة في الفرق بين المسلم والذمي في هذه المسألة من روايتهم عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل رهط من اليهود على النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: السام عليك، قالت ففهمتها، فقلت عليكم السام واللعنة، فقال (صلى الله عليه وآله): مهلا يا عائشة فإن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ قال النبي (عليه وآله السلام) قد قلت: وعليكم (٢). قال المخالف لنا: ولو كان هذا الدعاء من المسلم لصار مرتدا يقتل ولم يقتله النبي (عليه وآله السلام) بذلك.
وما يستدلون به أيضا ما رواه شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت النبي (عليه وآله السلام) بشاة مسمومة فأكل منها فجيئ بها فقيل: ألا نقتلها؟ فقال: لا. (٣)