فإذا قيل لا فائدة على هذا الوجه في قوله (عليه السلام): إذن عصيت ربك وبانت منك امرأتك.
قلنا يحتمل ذكر المعصية أمرين: أحدهما أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعلم من زوجة ابن عمر خيرا وبرا يقتضيان المعصية بفراقها.
والأمر الآخر: أنه مكروه للزوج أن يخرج نفسه من التمكن من مراجعة المرأة، لأنه لا يدري كيف يتقلب قلبه، وربما دعته الدواعي القوية إلى مراجعتها، فإذا أخرج أمرها من يده ربما هم بالمعصية، ومن أبان زوجته بالتطليقات الثلاث في الأطهار الثلاثة والمراجعة في خلال ذلك فهو محرم لها على نفسه حتى تنكح زوجا غيره، ووجه كراهية ذلك له ما ذكرناه.
وجواب ثان في تأويل الخبر وهو أن نحمل قوله (عليه السلام) بانت زوجتك على أنها إذا خرجت من العدة بانت، فإن المطلق ثلاثا بلفظ واحد يقع منه تطليقة واحدة على الصحيح من مذهبنا، فإذا طلقها بكلمة واحدة ثلاثا وخرجت من العدة بانت منه، وإنما عصى ربه لأنه أبدع بالجمع بين التطليقات الثلاث في الحال الواحدة.
فإن تعلقوا أيضا بما رووه من أن عبد الرحمن طلق امرأته تماضر ثلاثا (١).
فجوابه أنه يجوز أن يكون طلقها في أطهار ثلاثة مع مراجعة تخللت، وليس في ظاهر الخبر أنه طلقها بلفظ واحد أو حالة واحدة.
وهذه الطريقة التي سلكناها يمكن أن تنصر (٢) في جميع أخبارهم التي يتعلقون بها مما يتضمن وقوع طلاق ثلاث فقد فتحنا طريق الكلام على ذلك كله ونهجناه فلا معنى للتطويل بذكر جميع الأخبار.