طهرين أو طهر واحد لا يقع إلا بعد تخلل المراجعة بجماع.
والفقهاء كلهم يخالفون في ذلك، لأن أبا حنيفة وإن جعل ذلك بدعة فإنه يذهب إلى وقوعه ولزومه (١).
والحجة لنا: بعد إجماع الطائفة إنا قد دللنا على أن إيقاع الطلاق بعد الطلاق من غير مراجعة بدعة وخلاف للسنة، وقد بينا أن التحريم في الشرع يتبعه الفساد ونفي الأحكام الشرعية.
وأيضا فإن من طلق على الترتيب الذي ذكرناه وقع طلاقه، وآثر، ومن أتبع الطلاق بالطلاق من غير مراجعة لا إجماع عليه ولا دليل على وقوع طلاقه فيجب أن يحكم بنفيه.
فإن قيل كيف تذهبون إلى أن المطلق ثلاثا بكلمة واحدة يقع من طلاقه واحدة وهو مبدع مخالف للسنة، وعندكم أن البدعة لا يلحقها حكم شرعي؟
قلنا: إنما أبدع من جمع بين الثلاث في ضم قوله ثلاثا إلى قوله أنت طالق فألغينا من كلامه ما هو خلاف السنة وهو قوله ثلاثا وأسقطنا حكمه وأوجبنا وقوع تطليقة واحدة، لأنه بقوله أنت طالق متلفظ بلفظ الطلاق المسنون فيه فيجب إذا تكامل باقي الشرائط أن تقع واحدة، وجرى ذلك مجرى أن يقول أنت طالق، ويتبع ذلك بلفظ لا تأثير له مثل قوله: وقام زيد ودخلت الدار، وقد علمنا أنه لو أتبع ذلك بشئ مما ذكرناه لم يخرج لفظه بالطلاق من أن يكون واقعا وإن أتبعه بهذيان لا حكم له.
فإذا قيل لم يسن له أن يقول لها أنت طالق ثم يقول ثلاثا فيجب أن لا يقع طلاقه.