قال فاجمع لي قومك فخرج فجمعهم الحديث وأخرجه أحمد من هذا الوجه وهذا يعكر على الرواية التي فيها أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا لان سعد بن عبادة من رؤساء الأنصار بلا ريب إلا أن يحمل على الأغلب الأكثر وأن الذي خاطبه بذلك سعد بن عبادة ولم يرد إدخال نفسه في النفي أو أنه لم يقل لفظا وأن كان رضي بالقول المذكور فقال ما أنا الا من قومي وهذا أوجه والله أعلم (قوله ألم أجدكم ضلالا) بالضم والتشديد جمع ضال والمراد هنا ضلالة الشرك وبالهداية الايمان وقد رتب صلى الله عليه وسلم ما من الله عليهم على يده من النعم ترتيبا بالغا فبدأ بنعمة الايمان التي لا يوازيها شئ من أمر الدنيا وثنى بنعمة الآلفة وهي أعظم من نعمة المال لان الأموال تبذل في تحصيلها وقد لا تحصل وقد كانت الأنصار قبل الهجرة في غاية التنافر والتقاطع لما وقع بينهم من حرب بعاث وغيرها كما تقدم في أول الهجرة فزال ذلك كله بالاسلام كما قال الله تعالى لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم (قوله عالة) بالمهملة أي فقراء لا مال لهم والعيلة الفقر (قوله كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن) بفتح الهمزة والميم والتشديد أفعل تفضيل من المن وفي حديث أبي سعيد فقالوا ماذا نجيبك يا رسول الله ولرسوله المن والفضل (قوله قال لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا) في رواية إسماعيل بن جعفر لو شئتم أن تقولوا جئتنا كذا وكذا وكان من الامر كذا وكذا لأشياء زعم عمرو بن أبي يحيى المازني راوي الحديث أنه لا يحفظها وفي هذا رد على من قال إن الراوي كنى عن ذلك عمدا على طريق التأدب وقد جوز بعضهم أن يكون المراد جئتنا ونحن على ضلالة فهدينا بك وما أشبه ذلك وفيه بعد فقد فسر ذلك في حديث أبي سعيد ولفظه فقال أما والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فواسيناك ونحوه في مغازى أبي الأسود عن عروة مرسلا وابن عائذ من حديث ابن عباس موصولا وفي مغازي سليمان التيمي أنهم قالوا في جواب ذلك رضينا عن الله ورسوله وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه بغير إسناد وأخرجه أحمد عن ابن أبي عدي عن حميد عن أنس بلفظ أفلا تقولون جئتنا خائفا فآمناك وطريدا فآويناك ومخذولا فنصرناك فقالوا بل المن علينا لله ولرسوله وإسناده صحيح وروى أحمد من وجه آخر عن أبي سعيد قال قال رجل من الأنصار لأصحابه لقد كنت أحدثكم أن لو استقامت الأمور لقد آثر عليكم قال فردوا عليه ردا عنيفا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك تواضعا منه وانصافا وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة الظاهرة في جميع ذلك له عليهم فإنه لولا هجرته إليهم وسكناه عندهم لما كان بينهم وبين غيرهم فرق وقد نبه على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ألا ترضون إلى اخره فنبهم على ما غفلوا عنه من عظيم ما اختصوا به منه بالنسبة إلى ما حصل عليه غيرهم من عرض الدنيا الفانية (قوله بالشاة والبعير) اسم جنس فيهما والشاة تقع على الذكر والأنثى وكذا البعير وفي رواية الزهري أن يذهب الناس بالأموال وفي رواية أبي التياح بعدها وكذا قتادة بالدنيا (قوله إلى رحالكم) بالحاء المهملة أي بيوتكم وهي رواية قتادة زاد في رواية الزهري عن أنس فوالله لمنقلبون به خير لما تنقلبون به وزاد فيه أيضا قالوا يا رسول الله قد رضينا وفي رواية قتادة قالوا بلى وذكر الواقدي أنه حينئذ دعاهم ليكتب لهم بالبحرين تكون لهم خاصة
(٤١)