وقع في كلام أبي على الغساني فيما حكاه الكرماني أن البخاري روى هذا الحديث عن محمد غير منسوب عن منذر هذا وأن محمد المذكور هو ابن يحيى الذهلي ولم أر ذلك في شئ من الروايات التي عندنا من البخاري وأظنه وقع في بعض النسخ حدثنا محمد غير منسوب والمراد به البخاري المصنف والقائل ذلك الراوي عنه وظنوه شيخا للبخاري وليس كذلك والله أعلم (قوله عن أنس) في رواية روح بن عبادة عن شعبة في الاعتصام أخبرني موسى قال سمعت أنس بن مالك يقول (قوله خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط قال لو تعلمون ما أعلم) وقع عند مسلم من طريق النضر بن شميل عن شعبة في أوله زيادة يظهر منها سبب الخطبة ولفظه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شئ فخطب فقال عرضت على الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر ولو تعلمون ما أعلم (قوله لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال فغطى) في رواية النضر بن شميل قال فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان أشد من ذلك غطوا رؤوسهم (قوله لهم حنين) بالحاء المهملة للأكثر وللكشميهني بالخاء المعجمة والأول الصوت الذي يرتفع بالبكاء من الصدر والثاني من الانف وقال الخطابي الحنين بكاء دون الانتحاب وقد يجعلون الحنين والخنين واحدا إلا أن الحنين من الصدر أي بالمهملة والخنين من الانف بالمعجمة وقال عياض (قوله فقال رجل من أبي قال أبوك فلان) تقدم في العلم أنه عبد الله بن حذافة وفي رواية للعسكري نزلت في قيس بن حذافة وفي رواية للإسماعيلي يأتي التنبيه عليها في كتاب الفتن خارجة بن حذافة والأول أشهر وكلهم له صحبة وتقدم فيه أيضا زيادة من حديث أبي موسى وأحلت بشرحه على كتاب الاعتصام وسيأتي إن شاء الله تعالى فاقتصر هنا على بيان الاختلاف في سبب نزول الآية (قوله فنزلت هذه الآية) هكذا أطلق ولم يقع ذلك في سياق الزهري عن أنس مع أنه أشبع سياقا من رواية موسى بن أنس كما تقدم في أوائل المواقيت لذا لم يذكر ذلك هلال بن علي عن أنس كما سيأتي في كتاب الرقاق ووقع في الفتن من طريق قتادة عن أنس في آخر هذا الحديث بعد أن ساقه مطولا قال فكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء وروى ابن أبي حاتم من وجه آخر عن قتادة عن أنس قال سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة فصعد المنبر فقال لا تسألوني عن شئ إلا أنبأتكم به فجعلت ألتفت عن يمين وشمال فإذا كل رجل لاف ثوبه برأسه يبكي الحديث وفيه قصة عبد الله بن حذافة وقول عمر روى الطبري من طريق أبي صالح عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان محمار وجهه حتى جلس على المنبر فقام إليه رجل فقال أين أنا قال في النار فقام آخر فقال من أبي فقال حذافة فقام عمر فذكر كلامه وزاد فيه وبالقرآن إماما قال فسكن غضبه ونزلت هذه الآية وهذا شاهد جيد لحديث موسى بن أنس المذكور وأما ما روى الترمذي من حديث على قال لما نزلت ولله على الناس حج البيت قالوا يا رسول الله في كل عام فسكت ثم قالوا يا رسول الله في كل عام فقال لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا فهذا لا ينافي حديث أبي هريرة لاحتمال أن تكون نزلت في الامرين ولعل مراجعتهم له في ذلك هي سبب غضبه وقد روى أحمد من حديث أبي هريرة والطبري من حديث أبي أمامة نحو حديث على هذا وكذا أخرجه من وجه ضعيف ومن آخر
(٢١١)