كانوا في الجاهلية يعمدون إلى ثلاثة سهام على أحدها مكتوب أفعل وعلى الثاني لا تفعل والثالث غفل وقال الغراء كان على الواحد أمرني ربي وعلى الثاني نهاني ربي وعلى الثالث غفل فإذا أراد أحدهم الامر أخرج واحدا فإن طلع الآمر فعل أو الناهي ترك أو الغفل أعاد وذكر ابن إسحاق أن أعظم أصنام قريش كان هبل وكان في جوف الكعبة وكانت الأزلام عنده يتحاكمون عنده فيما أشكل عليهم فما خرج منها رجعوا إليه (قلت) وهذا لا يدفع أن يكون آحادهم يستعملونها منفردين كما في قصة سراقة وروى الطبري من طريق سعيد بن جبير قال الأزلام حصى بيض ومن طريق مجاهد قال حجارة مكتوب عليها وعنه كانوا يضربون بها لكل سفر وغزو وتجارة وهذا محمول على غير التي كانت في الكعبة والذي تحصل من كلام أهل النقل أن الأزلام وكانت عندهم على ثلاثة انحاء أحدها لكل أحد وهي ثلاثة كما تقدم وثانيها للأحكام وهي التي عند الكعبة وكان عند كل كاهن وحاكم للعرب مثل ذلك وكانت سبعة مكتوب عليها فواحد عليه منكم وآخر ملصق وآخر فيه العقول والديات إلى غير ذلك من الأمور التي يكثر وقوعها وثالثها قداح الميسر وهي عشرة سبعة مخططة وثلاثة غفل وكانوا يضربون بها مقامرة وفي معناها كل ما يتقامر به كالنرد والكعاب وغيرها (قوله والنصب أنصاب يذبحون عليها) وصله ابن أبي حاتم أيضا من طريق عطاء عن ابن عباس وقال أبو عبيدة النصب واحد الأنصاب وقال ابن قتيبة هي حجارة كانوا ينصبونها ويذبحون عندها فينصب عليها دماء الذبائح والانصاب أيضا جمع نصب بفتح أوله ثم سكون وهي الأصنام (قوله وقال غيره الزلم القدح لا ريش له وهو واحد الأزلام) قال أبو عبيدة واحد الأزلام زلم بفتحتين وزلم بضم أوله وفتح ثانيه لغتان وهو القدح أي بكسر القاف وسكون الدال (قوله والاستقسام أن يجيل القداح فإن نهته انتهى وأن أمرته فعل ما تأمره) قال أبو عبيدة الاستقسام من قسمت أمري بأن أجيل القداح لتقسم لي أمري أأسافر أم أقيم وأغزو أم لا أغزو أو نحو ذلك فتكون هي التي تأمرني وتنهاني ولكل ذلك قدح معروف قال الشاعر * ولم أقسم فتحسبني القسوم * والحاصل أن الاستقسام استفعال من القسم بكسر القاف أي استدعاء ظهور القسم كما أن الاستسقاء طلب وقوع السقي قال الفراء الأزلام سهام كانت في الكعبة يقسمون بها في أمورهم (قوله يجيل يدير) ثبت هذا لأبي ذر وحده وهو شرح لقوله يجيل القدح (قوله وقد أعلموا القدح أعلاما بضروب يستقسمون بها) بين ذلك ابن إسحاق كما تقدم قريبا (قوله وفعلت منه قسمت والقسوم المصدر) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وأن تستقسموا بالأزلام هو استفعلت من قسمت أمري (قوله حدثنا إسحاق بن إبراهيم) هو ابن راهويه (قوله نزل تحريم الخمر وأن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب) يريد بذلك أن الخمر لا يختص بماء العنب ثم أيد ذلك بقول أنس ما كان لنا خمر غير فضيخكم ثم ذكر حديث جابر في الذين صبحوا الخمر ثم قتلوا بأحد وذلك قبل تحريمها ويستفاد منه أنها كانت مباحة قبل التحريم ثم ذكر حديث عمر أنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة وذكر منها العنب وظاهره يعارض حديث ابن عمر المذكور أول الباب وسنذكر
(٢٠٨)