التي في بدء الوحي بهذا الرجل وفي رواية الجهاد إلى هذا الرجل ولا اشكال فيها فإن أقرب يتعدى بإلى قال الله تعالى ونحن أقرب إليه من حبل الوريد والمفضل عليه محذوف تقديره من غيره ويحتمل أن يكون في رواية الباب بمعنى الغاية فقد ثبت ورودها للغاية مع قلة (قوله واجلسوا أصحابي خلفي) في رواية الجهاد عند كتفي وهي أخص وعند الواقدي فقال لترجمانه قل لأصحابه إنما جعلتكم عند كتفيه لتردوا عليه كذبا إن قاله (قوله عن هذا الرجل) أشار إليه إشارة القرب لقرب العهد بذكره أو لأنه معهود في أذهانهم لاشتراك الجميع في معاداته ووقع عند ابن إسحاق من الزيادة في هذه القصة وقال أبو سفيان فجعلت أزهده في شأنه وأصغر أمره وأقول إن شأنه دون ما بلغك فجعل لا يلتفت إلى ذلك (قوله فان كذبني) بالتخفيف (فكذبوه) بالتشديد أي قال لترجمانه يقول لكم ذلك ولما جرت العادة أن مجالس الأكابر لا يواجه أحد فيها بالتكذيب احتراما لهم أذن لهم هرقل في ذلك للمصلحة التي أرادها قال محمد بن إسماعيل التميمي كذب بالتخفيف يتعدى إلى مفعولين مثل صدق تقول كذبني الحديث وصدقني الحديث قال الله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق وكذب بالتشديد يتعدى إلى مفعول واحد وهما من غرائب الألفاظ لمخالفتهما الغائب لان الزيادة تناسب الزيادة وبالعكس والامر هنا بالعكس (قوله وأيم الله) بالهمز وبغير الهمز وفيها لغات أخرى تقدمت (قوله يؤثر) بفتح المثلثة أي ينقل (قوله كيف حسبه) كذا هنا وفي غيرها كيف نسبه والنسب الوجه الذي يحصل به الأدلاء من جهة الآباء والحسب ما يعده المرء من مفاخر آبائه وقوله هو فينا ذو حسب في غيرها ذو نسب واستشكل الجواب لأنه لم يزد على ما في السؤال لان السؤال تضمن أن له نسبا أو حسبا والجواب كذلك وأجيب بان التنوين يدل على التعظيم كأنه قال هو فينا ذو نسب كبير أو حسب رفيع ووقع في رواية ابن إسحاق كيف نسبه فيكم قال في الذروة وهي بكسر المعجمة وسكون الراء أعلى ما في البعير من السنام فكأنه قال هو من أعلانا نسبا وفي حديث دحية عند البزار حدثني عن هذا الذي خرج بأرضكم ما هو قال شاب قال كيف حسبه فيكم قال هو في حسب ما لا يفضل عليه أحد قال هذه آية (قوله هل كان في آبائه ملك) في رواية الكشميهني من آبائه وملك هنا بالتنوين وهي تؤيد أن الرواية السابقة في بدء الوحي بلفظ من ملك ليست بلفظ الفعل الماضي (قوله قال يزيدون أم ينقصون) كذا فيه بإسقاط همزة الاستفهام وقد جزم بن مالك بجوازه مطلقا خلافا لمن خصه بالشعر (قوله قال هي يرتد الخ) إنما لم يستغن هرقل بقوله بل يزيدون عن هذا السؤال لأنه لا ملازمة بين الارتداد والنقص فقد يرتد بعضهم ولا يظهر فيهم النقص باعتبار كثرة من يدخل وقلة من يرتد مثلا (قوله سخطه له) يريد أن من دخل في الشئ على بصيرة يبعد رجوعه عنه بخلاف من لم يكن ذلك من صميم قلبه فأنه يتزلزل بسرعة وعلى هذا يحمل حال من ارتد من قريش ولهذا لم يعرج أبو سفيان على ذكرهم وفيهم صهره زوج ابنته أم حبيبة وهو عبيد الله بن جحش فأنه كان أسلم وهاجر إلى الحبشة بزوجته ثم تنصر بالحبشة ومات على نصرانيته وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بعده وكأنه ممن لم يكن دخل في الاسلام على بصيرة وكان أبو سفيان وغيره من قريش يعرفوا ذلك منه ولذلك لم يعرج عليه خشية أن يكذبوه ويحتمل أن يكونوا عرفوه بما وقع له من التنصر وفيه بعد أو المراد بالارتداد الرجوع إلى الدين الأول ولم يقع ذلك
(١٦٢)