المصنف حديث أبي سفيان في قصة هرقل بطوله وقد شرحته في بدء الوحي وأحلت بقية شرحه على الجهاد فلم يقدر إيراده هناك فأوردته هنا وهشام في أول الاسناد هو ابن يوسف الصغاني (قوله حدثني أبو سفيان من فيه إلى في) إنما لم يقل إلى إذني يشير إلى أنه كان متمكنا من الاصغاء إليه بحديث يجيبه إذا أحتاج إلى الجواب فلذلك جعل التحديث متعلقا بفمه وهو في الحقيقة إنما يتعلق بإذنه وأتفق أكثر الروايات على أن الحديث كله من رواية ابن عباس عن أبي سفيان إلا ما وقع من رواية صالح بن كيسان عن الزهري في الجهاد فأنه ذكر أول الحديث عن ابن عباس إلى قوله فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه التمسوا لي ههنا أحدا من قومه لأسألهم عنه قال ابن عباس فأخبرني أبو سفيان أنه كان بالشام الحديث وكذا وقع عند أبي يعلى من رواية الوليد بن محمد عن الزهري وهذه الرواية المفصلة تشعر بأن فاعل قال الذي وقع هنا من قوله قال وكان دحية الخ هو ابن عباس لا أبو سفيان وفاعل قال وقال هرقل هل هنا أحد هو أبو سفيان (قوله هرقل) بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف على المشهور في الروايات وحكى الجوهري وغير واحد من أهل اللغة سكون الراء وكسر القاف وهو اسم غير عربي فلا ينصرف للعلمية والعجمة (قوله فدعيت في نفر من قريش فدخلنا على هرقل) فيه حذف تقديره فجاءنا رسوله فتوجهنا معه فاستأذن لنا فأذن فدخلنا وهذه الفاء تسمى الفصيحة وهي الدالة على محذوف قبلها هو سبب لما بعدها سميت فصيحة لافصاحها عما قبلها وقيل لأنها تدل على فصاحة المتكلم بها فوصفت بالفصاحة على الاسناد المجازى ولهذا لا تقع إلا في كلام بليغ ثم إن ظاهر السياق أن هرقل أرسل إليه بعينه وليس كذلك وإنما كان المطلوب من يوجد من قريش ووقع في الجهاد قال أبو سفيان فوجدنا رسول قيصر ببعض الشام فانطلق بي وبأصحابي حتى قدمنا إلى إيلياء وتقدم في بدء الوحي أن المراد بالبعض غزة وقيصر هو هرقل وهرقل اسمه وقيصر لقبه (قوله فدخلنا على هرقل) تقدم في بدء الوحي بلفظ فأتوه وهو بإيلياء وفي رواية هناك وهم بإيلياء واستشكلت ووجهت أن المراد الروم مع ملكهم والأول أصوب (قوله فأجلسنا بين يديه فقال أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فقال أبو سفيان فقلت أنا فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي ثم دعا بترجمانه) وهذا يقتضى أن هرقل خاطبهم أولا بغير ترجمان ثم دعا بالترجمان لكن وقع في الجهاد بلفظ فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب نسبا الخ فيجمع بين هذا الاختلاف بأن قوله ثم دعا بترجمانه أن فأجلسه إلى جنب أبي سفيان لا أن المراد أنه كان غائبا فأرسل في طلبه فحضر وكأن الترجمان كان واقفا في المجلس كما جرت به عادة ملوك الأعاجم فخاطبهم هرقل بالسؤال الأول فلما تحرر له حال الذي أراد أن يخاطبه من بين الجماعة أمر الترجمان بالجلوس إليه ليعبر عنه بما أراد والترجمان من يفسر لغة بلغة فعلى هذا لا يقال ذلك لمن فسر كلمة غريبة بكلمة واضحة فإن اقتضى معنى الترجمان ذلك فليعرف أنه الذي يفسر لفظا بلفظ وقد اختلف هل هو عربي أو معرب والثاني أشهر وعلى الأول فنونه زائدة اتفاقا ثم قيل هو من ترجيم (1) الظن وقيل من الرجم فعلى الثاني تكون التاء أيضا زائدة ويوجب كونه من الرجم أن الذي يلقى الكلام كأنه يرجم الذي يلقيه إليه (قوله أقرب نسبا من هذا الرجل) من كأنها ابتدائية والتقدير أيكم أقرب نسبا مبدؤه من هذا الرجل أو هي بمعنى الباء ويؤيده أن في الرواية
(١٦١)