فذكر المساجد ومن توابع الاستقبال سترة المصلى فذكرها ثم ذكر الشرط الباقي وهو دخول الوقت وهو خاص بالفريضة وكان الوقت يشرع الاعلام به فذكر الاذان وفيه إشارة إلى أنه حق الوقت وكان الاذان اعلاما بالاجتماع إلى الصلاة فذكر الجماعة وكان أقلها امام ومأموم فذكر الإمامة ولما انقضت الشروط وتوابعها ذكر صفة الصلاة ولما كانت الفرائض في الجماعة قد تختص بهيئة مخصوصة ذكر الجمعة والخوف وقدم الجمعة لأكثريتها ثم تلا ذلك بما يشرع فيه الجماعة من النوافل فذكر العيدين والوتر والاستسقاء والكسوف وأخره لاختصاصه بهيئة مخصوصة وهى زيادة الركوع ثم تلاه بما فيه زيادة سجود فذكر سجود التلاوة لأنه قد يقع في الصلاة وكان إذا وقع اشتملت الصلاة على زيادة مخصوصة فتلاه بما يقع فيه نقص من عددها وهو قصر الصلاة ولما انقضى ما يشرع فيه الجماعة ذكر ما لا يستحب فيه وهو سائر التطوعات ثم للصلاة بعد الشروع فيها شروط ثلاثة وهى ترك الكلام وترك الافعال الزائدة وترك المفطر فترجم لذلك ثم بطلانها يختص بما وقع على وجه العمد فاقتضى ذلك ذكر أحكام السهو ثم جميع ما تقدم متعلق بالصلاة ذات الركوع والسجود فعقب ذلك بصلاة لا ركوع فيها ولا سجود وهى الجنازة وهذا آخر ما ظهر من مناسبة ترتيب كتاب الصلاة من هذا الجامع الصحيح ولم يتعرض أحد من الشراح لذلك فلله الحمد على ما ألهم وعلم * (قوله باب كيف فرضت الصلاة) وفى رواية الكشميهني والمستملى الصلوات في الاسراء أي في ليلة الاسراء وهذا مصير من المصنف إلى أن المعراج كان في ليلة الاسراء وقد وقع في ذلك اختلاف فقيل كانا في ليلة واحدة في يقظته صلى الله عليه وسلم وهذا هو المشهور عند الجمهور وقيل كانا جميعا في ليلة واحدة في منامه وقيل وقعا جميعا مرتين في ليلتين مختلفتين إحداهما يقظة والاخرى مناما وقيل كان الاسراء إلى بيت المقدس خاصة في اليقظة وكان المعراج مناما اما في تلك الليلة أو في غيرها والذي ينبغي ان لا يجرى فيه الخلاف ان الاسراء إلى بيت المقدس كان في اليقظة لظاهر القرآن ولكون قريش كذبته في ذلك ولو كان مناما لم تكذبه فيه ولا في أبعد منه وقد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة لكن طرقه في الصحيحين تدور على أنس مع اختلاف أصحابه عنه فرواه الزهري عنه عن أبي ذر كما في هذا الباب ورواه قتادة عنه عن مالك بن صعصعة ورواه شريك بن أبي نمر وثابت البناني عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة وفى سياق كل منهم عنه ما ليس عند الآخر والغرض من ايراده هنا ذكر فرض الصلاة فليقع الاقتصار هنا على شرحه ونذكر الكلام على اختلاف طرقه وتغاير ألفاظها وكيفية الجمع بينها في الموضع اللائق به وهو في السيرة النبوية قبيل الهجرة إن شاء الله تعالى والحكمة في وقوع فرض الصلاة ليلة المعراج انه لما قدس ظاهرا وباطنا حين غسل بماء زمزم بالايمان والحكمة ومن شأن الصلاة أن يتقدمها الطهور ناسب ذلك ان تفرض الصلاة في تلك الحالة وليظهر شرفه في الملا الاعلى ويصلى بمن سكنه من الأنبياء وبالملائكة وليناجي ربه ومن ثم كان المصلى يناجى ربه جل وعلا (قوله وقال ابن عباس) هذا طرف من حديث أبي سفيان المتقدم موصولا في بدء الوحي والقائل يأمرنا هو أبو سفيان ومناسبته لهذه الترجمة ان فيه إشارة إلى أن الصلاة فرضت بمكة قبل الهجرة لان أبا سفيان لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة إلى الوقت الذي اجتمع فيه
(٣٨٨)