بهرقل لقاء يتهيأ له معه أن يكون آمرا له بطريق الحقيقة والاسراء كان قبل الهجرة بلا خلاف وبيان الوقت وان لم يكن من الكيفية حقيقة لكنه من جملة مقدماتها كما وقع نظير ذلك في أول الكتاب في قوله كيف كان بدء الوحي وساق فيه ما يتعلق بالمتعلق بذلك فظهرت المناسبة (قوله فرج) بضم الفاء وبالجيم أي فتح والحكمة فيه ان الملك انصب إليه من السماء انصبابة واحدة ولم يعرج على شئ سواه مبالغة في المناجاة وتنبيها على أن الطلب وقع على غير ميعاد ويحتمل أن يكون السر في ذلك التمهيد لما وقع من شق صدره فكأن الملك أراه بانفراج السقف والتئامه في الحال كيفية ما سيصنع به لطفا به وتثبيتا له والله أعلم (قوله ففرج صدري) هو بفتح الفاء وبالجيم أيضا أي شقه ورجح عياض ان شق الصدر كان وهو صغير عند مرضعته حليمة وتعقبه السهيلي بان ذلك وقع مرتين وهو الصواب وسيأتي تحقيقه عند الكلام على حديث شريك في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى ومحصله ان الشق الأول كان لاستعداده لنزع العلقة التي قيل له عندها هذا حظ الشيطان منك والشق الثاني كان لاستعداده للتلقي الحاصل له في تلك الليلة وقد روى الطيالسي والحرث في مسنديهما من حديث عائشة ان الشق وقع مرة أخرى عند مجئ جبريل له بالوحي في غار حراء والله أعلم ومناسبته ظاهرة وروى الشق أيضا وهو ابن عشر أو نحوها في قصة له مع عبد المطلب أخرجها أبو نعيم في الدلائل وروى مرة أخرى خامسة ولا تثبت (قوله ثم جاء بطست) بفتح الطاء وبكسرها اناء معروف سبق تحقيقه في الوضوء وخص بذلك لأنه آلة الغسل عرفا وكان ذهب لأنه أعلى أواني الجنة وقد أبعد من استدل به على جواز تحلية المصحف وغيره بالذهب لان المستعمل له الملك فيحتاج إلى ثبوت كونهم مكلفين بما كلفنا به ووراء ذلك ان ذلك كان على أصل الإباحة لان تحريم الذهب انما وقع بالمدينة كما سيأتي واضحا في اللباس (قوله ممتلى) كذا وقع بالتذكير على معنى الاناء لا على لفظ الطست لأنها مؤنثة وحكمة وايمانا بالنصب على التمييز والمعنى ان الطست جعل فيها شئ يحصل به كمال الايمان والحكمة فسمى حكمة وايمانا مجازا أو مثلا له بناء على جواز تمثيل المعاني كما يمثل الموت كبشا قال النووي في تفسير الحكمة أقوال كثيرة مضطربة صفا لنا منها أن الحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله مع نفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق للعمل به والكف عن ضده والحكيم من حاز ذلك اه ملخصا وقد تطلق الحكمة على القرآن وهو مشتمل على ذلك كله وعلى النبوة كذلك وقد تطلق على العلم فقط وعلى المعرفة فقط ونحو ذلك (قوله ثم أخذ بيدي) استدل به بعضهم على أن المعراج وقع غير مرة لكون الاسراء إلى بيت المقدس لم يذكر هنا ويمكن أن يقال هو من اختصار الراوي والاتيان بثم المقتضية للتراخي لا ينافي وقوع أمر الاسراء بين الامرين المذكورين وهما الاطباق والعروج بل يشير إليه وحاصله ان بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر ويؤيده ترجمة المصنف كما تقدم (قوله فعرج) بالفتح أي الملك (بي) وفى رواية للكشميهني به على الالتفات أو التجريد (قوله افتح) يدل على أن الباب كان مغلقا قال ابن المنير حكمته التحقق ان السماء لم تفتح الا من أجله بخلاف ما لو وجده مفتوحا (قوله قال جبريل) فيه من أدب الاستئذان ان المستأذن يسمى نفسه لئلا يلتبس بغيره (قوله أأرسل إليه) وللكشميهني أو أرسل إليه يحتمل ان يكون خفى عليه أصل ارساله لاشتغاله بعبادته ويحتمل ان يكون استفهم عن الارسال إليه للعروج إلى السماء
(٣٨٩)