ما ذكر من العجوة وغيرها (قوله قال لها تعلمين) بفتح أوله وثانيه وتشديد اللام أي اعلمي وللاصيلى قالوا وللإسماعيلي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحمل رواية الأصيلي على أنهم قالوا لها ذلك بأمره وقد اشتمل ذلك على علم عظيم من أعلام النبوة (قوله ما رزئنا) بفتح الراء وكسر الزاي ويجوز فتحها وبعدها همزة ساكنة أي نقصنا وظاهره ان جميع ما أخذوه من الماء مما زاده الله تعالى وأوجده وانه لم يختلط فيه شئ من مائها في الحقيقة وإن كان في الظاهر مختلطا وهذا أبدع وأغرب في المعجزة وهو ظاهر قوله ولكن الله هو الذي أسقانا ويحتمل أن يكون المراد ما نقصنا من مقدار مائك شيئا واستدل بهذا على جواز استعمال أواني المشركين ما لم يتيقن فيها النجاسة وفيه إشارة إلى أن الذي أعطاها ليس على سبيل العوض عن مائها بل على سبيل التكرم والتفضل (قوله وقالت بأصبعيها) أي أشارت وهو من اطلاق القول على الفعل (قوله يغيرون) بالضم من أغار أي دفع الخيل في الحرب (قوله الصرم) بكسر المهملة أي أبياتا مجتمعة من الناس (قوله فقالت يوما لقومها ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم عمدا) هذه رواية الأكثر قال ابن مالك ما موصولة وأرى بفتح الهمزة بمعنى أعلم والمعنى الذي أعتقده أن هؤلاء يتركونكم عمدا لا غفلة ولا نسيانا بل مراعاة لما سبق بيني وبينهم وهذه الغاية في مراعاة الصحبة اليسيرة وكان هذا القول سببا لرغبتهم في الاسلام وفى رواية أبي ذر ما أرى ان هؤلاء القوم وقال ابن مالك أيضا وقع في بعض النسخ ما أدرى يعنى رواية الأصيلي قال وما موصولة وان بفتح الهمزة وقال غيره ما نافية وان بمعنى لعل وقيل ما نافية وان بالكسر ومعناه لا أعلم حالكم في تخلفكم عن الاسلام مع أنهم يدعونكم عمدا ومحصل القصة ان المسلمين صاروا يراعون قومها على سبيل الاستئلاف لهم حتى كان ذلك سببا لاسلامهم وبهذا يحصل الجواب عن الاشكال الذي ذكره بعضهم وهو ان الاستيلاء على الكفار بمجرده يوجب رق النساء والصبيان وإذا كان كذلك فقد دخلت المرأة في الرق باستيلائهم عليها فكيف وقع اطلاقها وتزويدها كما تقدم لأنا نقول أطلقت لمصلحة الاستئلاف الذي جر دخول قومها أجمعين في الاسلام ويحتمل أنها كان لها أمان قبل ذلك أو كانت من قوم لهم عهد واستدل به بعضهم على جواز أخذ أموال الناس عند الضرورة بثمن إن كان له ثمن وفيه نظر لأنه بناء على أن الماء كان مملوكا للمرأة وانها كانت معصومة النفس والمال ويحتاج إلى ثبوت ذلك وانما قدمناه احتمالا وأما قوله بثمن فكأنه أخذه من اعطائها ما ذكر وليس بمستقيم لان العطية المذكورة متقومة والماء مثلي وضمان المثلى انما يكون بالمثل وينعكس ما قاله من جهة أخرى وهو ان المأخوذ من فضل الماء للضرورة لا يجب العوض عنه وقال بعضهم فيه جواز طعام المخارجة لانهم تخارجوا في عوض الماء وهو مبنى على ما تقدم وفيه ان الخوارق لا تغير الأحكام الشرعية (قوله قال أبو عبد الله صبا الخ) هذا في رواية المستملى وحده ووقع في نسخة الصغاني صبا فلان انخلع وأصبا أي كذلك وكذا قوله وقال أبو العالية إلى آخره وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه وقال غيره هم منسوبون إلى صابى بن متوشلخ عم نوح عليه السلام وروى ابن مردويه باسناد حسن عن ابن عباس قال الصابون ليس لهم كتاب انتهى ووقع في نسخة الصغاني أصب أمل وهذا سيأتي في تفسير سورة يوسف إن شاء الله تعالى وانما أورد البخاري هذا هنا ليبين الفرق بين الصابي المراد
(٣٨٤)