تكرير رؤيته ليرى من رأى كما قيل * لعلى أراهم أو أرى من رآهم * (قلت) ويحتاج إلى ثبوت تجدد الرؤية في كل مرة (قوله هن خمس وهن خمسون) وفى رواية غير أبي ذر هي بدل هن في الموضعين والمراد هن خمس عددا باعتبار الفعل وخمسون اعتدادا باعتبار الثواب واستدل به على عدم فرضية ما زاد على الصلوات الخمس كالوتر وعلى دخول النسخ في الانشاءات ولو كانت مؤكدة خلافا لقوم فيما أكد وعلى جواز النسخ قبل الفعل قال ابن بطال وغيره ألا ترى انه عز وجل نسخ الخمسين بالخمس قبل ان تصلى ثم تفضل عليهم بان أكمل لهم الثواب وتعقبه ابن المنير فقال هذا ذكره طوائف من الأصوليين والشراح وهو مشكل على من أثبت النسخ قبل الفعل كالأشاعرة أو منعه كالمعتزلة لكونهم اتفقوا جميعا على أن النسخ لا يتصور قبل البلاغ وحديث الاسراء وقع فيه النسخ قبل البلاغ فهو مشكل عليهم جميعا قال وهذه نكتة مبتكرة (قلت) ان أراد قبل البلاغ لكل أحد فممنوع وان أراد قبل البلاغ إلى الأمة فمسلم لكن قد يقال ليس هو بالنسبة إليهم نسخا لكن هو نسخ بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كلف بذلك قطعا ثم نسخ بعد أن بلغه وقبل ان يفعل فالمسئلة صحيحة التصوير في حقه صلى الله عليه وسلم والله أعلم وسيأتي لذلك مزيد في شرح حديث الاسراء في الترجمة النبوية إن شاء الله تعالى (قوله حبايل اللؤلؤ) كذا وقع لجميع رواة البخاري في هذا الموضع بالحاء المهملة ثم الموحدة بعد الألف تحتانية ثم لام وذكر كثير من الأئمة انه تصحيف وانما هو جنابذ بالجيم والنون وبعد الألف موحدة ثم ذال معجمة كما وقع عند المصنف في أحاديث الأنبياء من رواية ابن المبارك وغيره عن يونس وكذا عند غيره من الأئمة ووجدت في نسخة معتمدة من رواية أبي ذر في هذا الموضع جنابذ على الصواب وأظنه من اصلاح بعض الرواة وقال ابن حزم في أجوبته على مواضع من البخاري فتشت على هاتين اللفظتين فلم أجدهما ولا واحدة منهما ولا وقفت على معناهما انتهى وذكر غيره ان الجنابذ العطار القباب واحدها جنبذة بالضم وهو ما ارتفع من البناء فهو فارسي معرب وأصله بلسانهم كنبذة بوزنه لكن الموحدة مفتوحة والكاف ليست خالصة ويؤيده ما رواه المصنف في التفسير من طريق شيبان عن قتادة عن أنس قال لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم قال أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ وقال صاحب المطالع في الحبال قيل هي القلائد والعقود أو هي من حبال الرمل أي فيها لؤلؤ مثل حبال الرمل جمع حبل وهو ما استطال من الرمل وتعقب بان الحبائل لا تكون الا جمع حبالة أو حبيلة بوزن عظيمة وقال بعض من اعتنى بالبخاري الحبائل جمع حبالة وحبالة جمع حبل على غير قياس والمراد ان فيها عقودا وقلائد من اللؤلؤ (قوله عن عائشة قالت فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين) كررت لفظ ركعتين لتفيد عموم التثنية لكل صلاة زاد ابن إسحاق قال حدثني صالح بن كيسان بهذا الاسناد الا المغرب فإنها كانت ثلاثا أخرجه أحمد من طريقه وللمصنف في كتاب الهجرة من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا فعين في هذه الرواية أن الزيادة في قوله هنا وزيد في صلاة الحضر وقعت بالمدينة وقد أخذ بظاهر هذا الحديث الحنفية وبنوا عليه ان القصر في السفر عزيمة لا رخصة واحتج مخالفوهم بقوله سبحانه وتعالى فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة لان نفى الجناح لا يدل على العزيمة
(٣٩٢)