وقوله السلام من الاسلام زاد في رواية كريمه افشاء السلام والمراد بافشائه نشره سرا أو جهرا وهو مطابق للمرفوع في قوله على من عرفت ومن لم تعرف وبيان كونه من الاسلام تقدم في باب اطعام الطعام مع بقية فوائده وغاير المصنف بين شيخيه اللذين حدثاه عن الليث مراعاة للاتيان بالفائدة الاسنادية وهى تكثير الطرق حيث يحتاج إلى إعادة المتن فإنه لا يعيد الحديث الواحد في موضعين على صوره واحدة فان قيل كان يمكنه ان يجمع الحكمين في ترجمه واحدة ويخرج الحديث عن شيخيه معا أجاب الكرماني باحتمال أن يكون كل من شيخيه أورده في معرض غير المعرض الآخر وهذا ليس بطائل لأنه متوقف على ثبوت وجود تصنيف مبوب لكل من شيخيه والأصل عدمه ولان من اعتنى بترجمة كل من قتيبة وعمرو بن خالد لم يذكر أن لواحد منهما تصنيفا على الأبواب ولأنه لزم منه ان البخاري يقلد في التراجم والمعروف الشائع عنه انه هو الذي يستنبط الاحكام في الأحاديث ويترجم لها ويتفنن في ذلك بما لا يدركه فيه غيره ولأنه يبقى السؤال بحاله إذ لا يمتنع معه ان يجمعهما المصنف ولو كان سمعهما مفترقين والظاهر من صنيع البخاري انه يقصد تعديد شعب الايمان كما قدمناه فخص كل شعبة بباب تنويها بذكرها وقصد التنويه يحتاج إلى التأكيد فلذلك غاير بين الترجمتين (قوله وقال عمار) هو ابن ياسر أحد السابقين الأولين واثره هذا أخرجه أحمد بن حنبل في كتاب الايمان من طريق سفيان الثوري ورواه يعقوب بن شيبة في مسنده من طريق شعبة وزهير بن معاوية وغيرهما كلهم عن أبي إسحاق السبيعي عن صلة بن زفر عن عمار ولفظ شعبة ثلاث من كن فيه فقد استكمل الايمان وهو بالمعنى وهكذا رويناه في جامع معمر عن أبي إسحاق وكذا حدث به عبد الرزاق في مصنفه عن معمر وحدث به عبد الرزاق باخرة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذا أخرجه البزار في مسنده وابن أبي حاتم في العلل كلاهما عن الحسن بن عبد الله الكوفي وكذا رواه البغوي في شرح السنة من طريق أحمد بن كعب الواسطي وكذا أخرجه ابن الأعرابي في معجمه عن محمد بن الصباح الصنعاني ثلاثتهم عن عبد الرزاق مرفوعا واستغربه البزار وقال أبو زرعة هو خطا (قلت) وهو معلول من حيث صناعة الاسناد لان عبد الرزاق تغير باخرة وسماع هؤلاء منه في حال تغيره الا أن مثله لا يقال بالرأي فهو في حكم المرفوع وقد رويناه مرفوعا من وجه آخر عن عمار أخرجه الطبراني في الكبير وفى اسناده ضعف وله شواهد أخرى بينتها في تعليق التعليق (قوله ثلاث) أي ثلاث خصال واعرابه نظير ما مر في قوله ثلاث من كن فيه والعالم بفتح اللام والمراد به هنا جميع الناس والاقتار القلة وقيل الافتقار وعلى الثاني فمن في قوله من الأقتار بمعنى مع أو بمعنى عند قال أبو الزناد بن سراج وغيره انما كان من جمع الثلاث مستكملا للايمان لان مداره عليها لان العبد إذا اتصف بالأنصاف لم يترك لمولاه حقا واجبا عليه الا أداه ولم يترك شيئا مما نهاه عنه الا اجتنبه وهذا يجمع أركان الايمان وبذل السلام يتضمن مكارم الأخلاق والتواضع وعدم الاحتقار ويحصل به التألف والتحابب والانفاق من الأقتار يتضمن غاية الكرم لأنه إذا أنفق من الاحتياج كان مع التوسع أكثر انفاقا والنفقة أعم من أن تكون على العيال واجبه ومندوبة أو على الضيف والزائر وكونه من الأقتار يستلزم الوثوق بالله والزهد في الدنيا وقصر الأمل وغير ذلك من مهمات الآخرة وهذا التقرير يقوى أن يكون
(٧٧)