هذه الآية وحديث لن يدخل أحدكم الجنة بعمله فالجواب ان المنفى في الحديث دخولها بالعمل المجرد عن القبول والمثبت في الآية دخولها بالعمل المتقبل والقبول انما يحصل برحمة الله فلم يحصل الدخول الا برحمة الله وقيل في الجواب غير ذلك كما سيأتي عند ايراد الحديث المذكور * (تنبيه) * اختلف الجواب عن هذا السؤال وأجيب بان لفظ من مراد في كل منهما وقيل وقع باختلاف الأحوال والاشخاص فأجيب كل سائل بالحال اللائق به وهذا اختيار الحليمي ونقله عن القفال (قوله وقال عدة) أي جماعة من أهل العلم منهم أنس بن مالك روينا حديثه مرفوعا في الترمذي وغيره وفى اسناده ضعف ومنهم ابن عمر روينا حديثه في التفسير للطبري والدعاء للطبراني ومنهم مجاهد رويناه عنه في تفسير عبد الرزاق وغيره (قوله لنسألهم الخ) قال النووي معناه عن أعمالهم كلها أي التي يتعلق بها التكليف وتخصيص ذلك بالتوحيد دعوى بلا دليل (قلت) لتخصيصهم وجه من جهة التعميم في قوله أجمعين بعد ان تقدم ذكر الكفار إلى قوله ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين فيدخل فيه المسلم والكافر فان الكافر مخاطب بالتوحيد بلا خلاف بخلاف باقي الأعمال ففيها الخلاف فمن قال إنهم مخاطبون يقول إنهم مسؤولون عن الأعمال كلها ومن قال إنهم غير مخاطبين يقول انما يسئلون عن التوحيد فقط فالسؤال عن التوحيد متفق عليه فهذا هو دليل التخصيص فحمل الآية عليه أولى بخلاف الحمل على جميع الأعمال لما فيه من الاختلاف والله أعلم (قوله وقال) أي الله عز وجل (لمثل هذا) أي الفوز العظيم (فليعمل العاملون) أي في الدنيا والظاهر أن المصنف تأولها بما تأول به الآيتين المتقدمتين أي فليؤمن المؤمنون أو يحمل العمل على عمومه لان من آمن لا بد أن يقبل ومن قبل فمن حقه أن يعمل ومن عمل لا بد أن ينال فإذا وصل قال لمثل هذا فليعمل العاملون * (تنبيه) * يحتمل أن يكون قائل ذلك المؤمن الذي رأى قرينه ويحتمل أن يكون كلامه انقضى عند قوله الفوز العظيم والذي بعده ابتداء من قول الله عز وجل أو بعض الملائكة لا حكاية عن قول المؤمن والاحتمالات الثلاثة مذكورة في التفسير ولعل هذا هو السر في ابهام المصنف القائل والله أعلم (قوله حدثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي نسب إلى جده (قوله سئل) أبهم السائل وهو أبو ذر الغفاري وحديثه في العتق (قوله قيل ثم ماذا قال الجهاد) وقع في مسند الحرث بن أبي أسامة عن إبراهيم بن سعد ثم جهاد فواخى بين الثلاثة في التنكير بخلاف ما عند المصنف وقال الكرماني الايمان لا يتكرر كالحج والجهاد قد يتكرر فالتنوين للافراد الشخصي والتعريف للكمال إذ الجهاد لو أتى به مرة مع الاحتياج إلى التكرار لما كان أفضل وتعقب عليه بأن التنكير من جملة وجوهه التعظيم وهو يعطى الكمال وبأن التعريف من جملة وجوهه العهد وهو يعطى الافراد الشخصي فلا يسلم الفرق (قلت) وقد ظهر من رواية الحرث التي ذكرتها أن التنكير والتعريف فيه من تصرف الرواة لان مخرجه واحد فالإطالة في طلب الفرق في مثل هذا غير طائلة والله الموفق (قوله حج مبرور) أي مقبول ومنه بر حجك وقيل المبرور الذي لا يخالطه اثم وقيل الذي لا رياء فيه * (فائدة) * قال النووي ذكر في هذا الحديث الجهاد بعد الايمان وفى حديث أبي ذكر لم يذكر الحج وذكر العتق وفى حديث ابن مسعود بدأ بالصلاة ثم البر ثم الجهاد
(٧٣)