ويحتمل أن تكون وقعت له قضيتان فالتي رواها الزهري مختصة بتلك المقالة والقضية التي رواها سعيد المقبري عامة واما ما أخرجه ابن وهب من طريق الحسن بن عمرو بن أمية قال تحدث عند أبي هريرة بحديث فأنكره فقلت انى سمعت منك فقال إن كنت سمعته منى فهو مكتوب عندي فقد يتمسك به في تخصيص عدم النسيان بتلك المقالة لكن سند هذا ضعيف وعلى تقرير ثبوته فهو نادر ويلتحق به حديث أبي سلمة عنه لا عدوى فإنه قال فيه ان أبا هريرة أنكره قال فما رأيته نسى شيئا غيره * (فائدة) * المقالة المشار إليها في حديث الزهري أبهمت في جميع طرقه وقد وجدتها مصرحا بها في جامع الترمذي وفى الحلية لأبي نعيم من طريق أخرى عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يسمع كلمة أو كلمتين أو ثلاثا أو أربعا أو خمسا مما فرض الله فيتعلمهن ويعلمهن الا دخل الجنة فذكر الحديث وفى هذين الحديثين فضيلة ظاهرة لأبي هريرة ومعجزة واضحة من علامات النبوة لان النسيان من لوازم الانسان وقد اعترف أبو هريرة بأنه كان يكثر منه ثم تخلف عنه ببركة النبي صلى الله عليه وسلم وفى المستدرك للحاكم من حديث زيد بن ثابت قال كنت أنا وأبو هريرة وآخر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادعوا فدعوت أنا وصاحبي وأمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا أبو هريرة فقال اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي وأسألك علما لا ينسى فأمن النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا ونحن كذلك يا رسول الله فقال سبقكما الغلام الدوسي وفيه الحث على حفظ العلم وفيه ان التقلل من الدنيا أمكن لحفظه وفيه فضيلة التكسب لمن له عيال وفيه جواز اخبار المرء بما فيه من فضيلة إذا اضطر إلى ذلك وأمن من الاعجاب (قوله ابن أبي فديك بهذا) أشكل قوله بهذا على بعض الشارحين لان ابن أبي فديك لم يتقدم له ذكر وقد ظن بعضهم انه محمد بن إبراهيم بن دينار المذكور قبل فيكون مراده ان السياقين متحدان الا في اللفظة المبينة فيه وليس كما ظن لان ابن أبي فديك اسمه محمد بن إسماعيل بن مسلم وهو ليثي يكنى أبا إسماعيل وابن دينار جهني يكنى أبا عبد الله لكن اشتركا في الرواية عن أبي ذئب لهذا الحديث ولغيره وفى كونهما مدنيين وجوز بعضهم ان يكون الحديث عند المصنف باسناد آخر عن ابن أبي ذئب وكل ذلك غفلة عما عند المصنف في علامات النبوة فقد ساقه بالاسناد المذكور والمتن من غير تغيير الا في قوله بيديه فإنه ذكرها بالافراد وقال فيها أيضا فغرف وهى رواية الأكثرين في حديث الباب ووقع في رواية المستملى وحده يحذف بدل فغرف وهو تصحيف لما وضح من سياقه في علامات النبوة وقد رواه ابن سعد في الطبقات عن ابن أبي فديك فقال فغرف (قوله حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس (حدثني أخي) هو أبو بكر عبد الحميد (قوله حفظت عن) وفى رواية الكشميهني من بدل عن وهى أصرح في تلقيه من النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة (قوله وعاءين) أي ظرفين أطلق المحل وأراد به الحال أي نوعين من العلم وبهذا التقرير يندفع ايراد من زعم أن هذا يعارض قوله في الحديث الماضي كنت لا أكتب وانما مراده ان محفوظه من الحديث لو كتب لملأ وعاءين ويحتمل ان يكون أبو هريرة أملى حديثه على من يثق به فكتبه له وتركه عنده والأول أولى ووقع في المسند عنه حفظت ثلاثة أجوبة بثثت منها جرابين وليس هذا مخالفا لحديث الباب لأنه يحمل على أن أحد الوعاءين كان أكبر من الآخر بحيث يجئ ما في الكبير في جرابين وما في الصغير في واحد ووقع في المحدث الفاضل للرامهرمزي من طريق منقطعة عن أبي هريرة خمسة أجربة وهو ان ثبت محمول
(١٩٢)