أهل زمانه وأجاب عنه بأنه لا نقص بالنبي في أخذ العلم من نبي مثله (قلت) وفى الجواب نظر لأنه يستلزم نفى ما أوجب والحق أن المراد بهذا الاطلاق تقييد الأعلمية بأمر مخصوص لقوله بعد ذلك انى على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه والمراد بكون النبي أعلم أهل زمانه أي ممن أرسل إليه ولم يكن موسى مرسلا إلى الخضر وإذا فلا نقص به إذا كان الخضر أعلم منه ان قلنا إنه نبي مرسل أو أعلم منه في أمر مخصوص ان قلنا إنه نبي أو ولى وينحل بهذا التقرير اشكالات كثيرة ومن أوضح ما يستدل به على نبوة الخضر قوله وما فعلته عن أمرى وينبغي اعتقاد كونه نبيا لئلا تتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم ان الولي أفضل من النبي حاشا وكلا وتعقب ابن المنير على ابن بطال ايراده في هذا الموضع كثيرا من أقوال السلف في التحذير من الدعوى في العلم والحث على قول العالم لا أدرى بأن سياق مثل ذلك في هذا الموضع غير لائق وهو كما قال رحمه الله قال وليس قول موسى عليه السلام انا أعلم كقول آحاد الناس مثل ذلك ولا نتيجة قوله كنتيجة قولهم فان نتيجة قولهم العجب والكبر ونتيجة قوله المزيد من العلم والحث على التواضع والحرص على طلب العلم واستدلاله به أيضا على أنه لا يجوز الاعتراض بالعقل على الشرع خطأ لان موسى انما اعترض بظاهر الشرع لا بالعقل المجرد ففيه حجة على صحة الاعتراض بالشرع على ما لا يسوغ فيه ولو كان مستقيما في باطن الامر (قوله في مكتل) بكسر الميم وفتح المثناة من فوق (قوله فانطلقا بقية ليلتهما) بالجر على الإضافة ويومهما بالنصب على إرادة سير جميعه ونبه بعض الحذاق على أنه مقلوب وان الصواب بقية يومهما وليلتهما لقوله بعده فلما أصبح لأنه لا يصبح الا عن ليل انتهى ويحتمل أن يكون المراد بقوله فلما أصبح أي من الليلة التي تلى اليوم الذي سارا جميعه والله أعلم (قوله انى) أي كيف بأرضك السلام ويؤيده ما في التفسير هل بأرضي من سلام أو من أين كما في قوله تعالى انى لك هذا والمعنى من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها وكأنها كانت بلاد كفر أو كانت تحيتهم بغير السلام وفيه دليل على أن الأنبياء ومن دونهم لا يعلمون من الغيب الا ما علمهم الله إذ لو كان الخضر يعلم كل غيب لعرف موسى قبل ان يسأله (قوله فانطلقا يمشيان) أي موسى والخضر ولم يذكر فتى موسى وهو يوشع لأنه تابع غير مقصود بالأصالة (قوله وكلموهم) ضم يوشع معهما في الكلام لأهل السفينة لان المقام يقتضى كلام التابع (قوله فحملوهما) يقال فيه ما قيل في يمشيان ويحتمل ان يكون يوشع لم يركب معهما لأنه لم يقع له ذكر بعد ذلك (قوله فجاء عصفور) بضم أوله قيل هو الصرد بضم المهملة وفتح الراء وفى الرحلة للخطيب أنه الخطاف (قوله ما نقص علمي وعلمك من علم الله) لفظ النقص ليس على ظاهره لان علم الله لا يدخله النقص فقيل معناه لم يأخذ وهذا توجيه حسن ويكون التشبيه واقعا على الآخذ لا على المأخوذ منه وأحسن منه ان المراد بالعلم المعلوم بدليل دخول حرف التبعيض لان العلم القائم بذات الله تعالى صفة قديمة لا تتبعض والمعلوم هو الذي يتبعض وقال الإسماعيلي المراد أن نقص العصفور لا ينقص البحر بهذا المعنى وهو كما قيل ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب أي ليس فيهم عيب وحاصله أن نفى النقص أطلق على سبيل المبالغة وقيل الا بمعنى ولا أي ولا كنقرة هذا العصفور وقال القرطبي من اطلق اللفظ هنا تجوزا لقصده التمسك والتعظيم إذ
(١٩٥)