أسماء وأم سلمة والعبادلة الأربعة وأبو هريرة وعقبة بن الحرث والمسور بن مخرمة فهؤلاء ممن سمع منهم وقد أدرك بالسن جماعة أجل من هؤلاء كعلى بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وقد جزم بأنهم كانوا يخافون النفاق في الأعمال ولم ينقل عن غيرهم خلاف ذلك فكانه اجماع وذلك لان المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الاخلاص ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم بل ذلك على سبيل المبالغة منهم في الورع والتقوى رضي الله عنهم وقال ابن بطال انما خافوا لانهم طالت أعمارهم حتى رأوا من التغير ما لم يعهدوه ولم يقدروا على انكاره فخافوا ان يكونوا داهنوا بالسكوت (قوله ما منهم أحد يقول إنه على ايمان جبريل وميكائيل) أي لا يجزم أحد منهم بعدم عروض النفاق له كما يجزم بذلك في ايمان جبريل وفى هذا إشارة إلى أن المذكورين كانوا قائلين بتفاوت درجات المؤمنين في الايمان خلافا للمرجئة القائلين بان ايمان الصديقين وغيرهم بمنزلة واحدة وقد روى في معنى أثر ابن أبي مليكة حديث عن عائشة مرفوع رواه الطبراني في الأوسط لكن اسناده ضعيف (قوله ويذكر عن الحسن) هذا التعليق وصله جعفر الفريابي في كتاب صفة المنافق له من طرق متعددة بألفاظ مختلفة وقد يستشكل ترك البخاري الجزم به مع صحته عنه وذلك محمول على قاعدة ذكرها لي شيخنا أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله وهى ان البخاري لا يخص صيغة التمريض بضعف الاسناد بل إذا ذكر المتن بالمعنى أو اختصره أتى بها أيضا لما علم من الخلاف في ذلك فهنا كذلك وقد أوقع اختصاره له لبعضهم الاضطراب في فهمه فقال النووي ما خافه الا مؤمن ولا امنه الا منافق يعنى الله تعالى قال الله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان وقال فلا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون وكذا شرحه ابن التين وجماعة من المتأخرين وقرره الكرماني هكذا فقال ما خافه أي ما خاف من الله فحذف الجار وأوصل الفعل إليه قلت وهذا الكلام وإن كان صحيحا لكنه خلاف مراد المصنف ومن نقل عنه والذي أوقعهم في هذا هو الاختصار والا فسياق كلام الحسن البصري يبين انه انما أراد النفاق فلنذكره قال جعفر الفريابي ثنا قتيبة ثنا جعفر بن سليمان عن المعلى بن زياد سمعت الحسن يحلف في هذا المسجد بالله الذي لا اله الا هو ما مضى مؤمن قط ولا بقى الا وهو من النفاق مشفق ولا مضى منافق قط ولا بقى الا وهو من النفاق آمن وكان يقول من لم يخف النفاق فهو منافق وقال أحمد بن حنبل في كتاب الايمان ثنا روح ابن عبادة ثنا هشام سمعت الحسن يقول والله ما مضى مؤمن ولا بقى الا وهو يخاف النفاق وما امنه الا منافق انتهى وهذا موافق لاثر ابن أبي مليكة الذي قبله وهو قوله كلهم يخاف النفاق على نفسه والخوف من الله وإن كان مطلوبا محمودا لكن سياق الباب في أمر آخر والله أعلم (قوله وما يحذر) هو بضم أوله وتشديد الذال المعجمة ويروى بتخفيفها وما مصدرية والجملة في محل جر لأنها معطوفة على خوف أي باب ما يحذر وفصل بين الترجمتين بالآثار التي ذكرها لتعلقها بالأولى فقط واما الحديثان فالأول منهما تعلق بالثانية والثاني يتعلق بالأولى على ما سنوضحه ففيه لف ونشر غير مرتب على حد قوله يوم تبيض وجوه الآية ومراده أيضا الرد على المرجئة حيث قالوا لا حذر من المعاصي مع حصول الايمان ومفهوم الآية التي ذكرها يرد عليهم لأنه تعالى مدح من استغفر لذنبه ولم يصر عليه فمفهومه ذم من لم يفعل ذلك ومما يدخل في معنى الترجمة قول الله تعالى فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم وقوله ونقلب أفئدتهم
(١٠٢)