منهما والنية بكسر النون وتشديد التحتانية على المشهور وفى بعض اللغات بتخفيفها قال الكرماني قوله انما الأعمال بالنيات هذا التركيب يفيد الحصر عند المحققين واختلف في وجه إفادته فقيل لان الأعمال جمع محلى بالألف واللام مفيد للاستغراق وهو مستلزم للقصر لان معناه كل عمل بنية فلا عمل الا بنية وقيل لان انما للحصر وهل إفادتها له بالمنطوق أو بالمفهوم أو تفيد الحصر بالوضع أو العرف أو تفيده بالحقيقة أو بالمجاز ومقتضى كلام الامام واتباعه أنها تفيده بالمنطوق وضعا حقيقيا بل نقله شيخنا شيخ الاسلام عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة الا اليسير كالآمدي وعلى العكس من ذلك أهل العربية واحتج بعضهم بأنها لو كانت للحصر لما حسن انما قام زيد في جواب هل قام عمرو أجيب بأنه يصح انه يقع في مثل هذا الجواب ما قام الا زيد وهى للحصر اتفاقا وقيل لو كانت للحصر لاستوى انما قام زيد مع ما قام الا زيد ولا تردد في أن الثاني أقوى من الأول وأجيب بأنه لا يلزم من هذه القوة نفى الحصر فقد يكون أحد اللفظين أقوى من الآخر مع اشتراكهما في أصل الوضع كسوف والسين وقد وقع استعمال انما موضع استعمال النفي والاستثناء كقوله تعالى انما تجزون ما كنتم تعملون وكقوله وما تجزون الا ما كنتم تعملون وقوله انما على رسولنا البلاغ المبين وقوله ما على الرسول الا البلاغ ومن شواهده قول الأعشى ولست بالأكثر منهم حصى * وانما العزة للكاثر يعنى ما ثبتت العزة الا لمن كان أكثر حصى واختلفوا هل هي بسيطه أو مركبة فرجحوا الأول وقد يرجح الثاني ويجاب عما أورد عليه من قولهم إن للاثبات وما للنفي فيستلزم اجتماع المتضادين على صدد واحد بأن يقال مثلا أصلهما كان للاثبات والنفي لكنهما بعد التركيب لم يبقيا على أصلهما بل أفادا شيئا آخر أشار إلى ذلك الكرماني قال وأما قول من قال إفادة هذا السياق للحصر من جهة ان فيه تأكيدا بعد تأكيد فهو المستفاد من انما ومن الجمع فمتعقب بأنه من باب ايهام العكس لان قائله لما رأى أن الحصر فيه تأكيد على تأكيد ظن أن كل ما وقع كذلك يفيد الحصر وقال ابن دقيق العيد استدل على إفادة انما للحصر بان ابن عباس استدل على أن الربا لا يكون الا في النسيئة بحديث انما الربا في النسيئة وعارضه جماعة من الصحابة في الحكم ولم يخالفوه في فهمه فكان كالاتفاق منهم على انها تفيد الحصر وتعقب باحتمال أن يكونوا تركوا المعارضة بذلك تنزلا وأما من قال يحتمل أن يكون اعتمادهم على قوله لا ربا الا في النسيئة لورود ذلك في بعض طرق الحديث المذكور فلا يفيد ذلك في رد إفادة الحصر بل يقويه ويشعر بان مفاد الصيغتين عندهم واحد والا لما استعملوا هذه موضع هذه وأوضح من هذا حديث انما الماء من الماء فان الصحابة الذين ذهبوا إليه لم يعارضهم الجمهور في فهم الحصر منه وانما عارضهم في الحكم من أدلة أخرى كحديث إذا التقى الختانان وقال ابن عطية انما لفظ لا يفارقه المبالغة والتأكيد حيث وقع ويصلح مع ذلك للحصر ان دخل في قصة ساعدت عليه فجعل وروده للحصر مجازا يحتاج إلى قرينة وكلام غيره على العكس من ذلك وان أصل ورودها للحصر لكن قد يكون في شئ مخصوص كقوله تعالى انما الله اله واحد فإنه سيق باعتبار منكري الوحدانية والا فلله سبحانه صفات أخرى كالعلم والقدرة وكقوله تعالى انما أنت منذر فإنه سيق باعتبار منكري الرسالة والا فله صلى
(١٠)