فما يعرض على الشيء بواسطة أمر مبائن، أو جزئه الأخص، أو الأعم؛ يعد غريبا، (1) كالحركة للإنسان بواسطة الحيوان، وكالنطق للحيوان بواسطة الإنسان.
وما يعرض للعارض - أولا وبالذات - عبارة عن العروض، وما يعرضه - ثانيا وبالعرض - هو الثبوت، كالحركة العارضة للجالس في السفينة؛ تلحقها بالذات لعدم الواسطة للعروض، وتلحق الجالس بواسطة السفينة فيعد غريبا.
فعلى هذا يلزم أن يكون البناء العارض للكلمة بواسطة الفعل الأخص منها، والإعراب العارض لها بواسطة الاسم الأخص منها؛ عرضا غريبا.
وكذا يلزم أن يكون الراوي - الموضوع لعلم الرجال - إما عادلا دائما، أو فاسقا دائما؛ بعد القول بكون الوثاقة أو عدمها من عوارض ذات الراوي، مع أن الواقع خلاف ذلك، لإمكان التخلف؛ بأن يصير العادل فاسقا، أو العكس - كما نراه كثيرا -.
وجواب هذا التوهم: أنه لو كانت الوثاقة وعدمها من لوازم ذات الرواة للزم المحال المذكور، ولكن العرض الذاتي لا ينحصر في أن يعرض للذات بلا واسطة عروض - كما في المقام - بل لو عرض بواسطة أمر يساويها أيضا يسمى بالعرض الذاتي.
ولا شك ولا شبهة ولا ريب أن العوارض الذاتية للرواة؛ من الوثاقة ونحوها مما يعرض للذات بواسطة القوة العقلية، أو الشهوية، أو الغضبية، فتصير من الصفات الذاتية للرواة، فيلاحظ من تعديل القوة العاقلة فضيلة العلم والحكمة، ومن تعديل القوة الغضبية [فضيلة] الحلم والشجاعة، ومن تعديل القوة الشهوية فضيلة العفة.
ومن اعتدال الثلاث تحدث ملكة نفسانية باعثة على ملازمة التقوى والمروءة؛ ويعبرون عنها بالوثاقة والعدالة، فتلازم ذات الراوي العادل بعد حصول هذه القوى الثلاث إذا صارت ملكة نفسانية، فإذا زالت إحداها - كما إذا غلبت الغضبية، أو الشهوية، أو اضمحلت القوة العاقلة، أو أن لا يحصل حد الملكة النفسانية المسمى بالعمل؛ كالأحوال المنقلبة بسرعة كحمرة الخجل، وصفرة الوجل - لا يلزم المحال، لما عرفت