فإن قيل: ما معنى جعل هذه الأشياء في حال الغيبة للشيعة، أهي على العموم أو على جهة مخصوصة؟ وعلى التقدير الثاني فما هذه الجهة؟
قلنا: ليس المراد حلها على جهة العموم، وإلا لزم سقوط حقهم عليهم السلام من الخمس حال الغيبة، وهو خلاف ما عليه أكثر الأصحاب، بل القول به منسوب إلى الشذوذ، بل يلزم منه جواز تناول حقهم عليهم السلام والصرف فيه، إلى غير ذلك مما هو معلوم البطلان وإنما المراد: إحلال ما لا بد منه من المناكح والمساكن والمتاجر لتطيب ولادتهم ويخرجوا عن الغصب في المسكن والمطعم ونحوهما.
وقد عين الأصحاب لذلك مواضع بخصوصها في باب الخمس، فلا حاجة بنا إلى ذكرها هاهنا، فإذا كان بيد أحدنا من أرض الأنفال شئ إما بالاحياء أو بالشراء من بعض المتغلبين ونحو ذلك، كانت عليه حلالا بإحلال الأئمة عليهم السلام.
فإن قيل: ليس على الشيعة في هذا النوع من الأرض خراج، فهل على غيرهم فيه شئ من ذلك؟
قلنا: لا نعرف في ذلك تصريحا للأصحاب، ولكن قد وقع في الحديث السابق تصريحا به، ووجهه من حيث المعنى أنه تصرف في مال الغير بغير إذنه، فلا يكون مجانا.
فإن قيل: فهل يجوز لمن استجمع صفات النيابة حال الغيبة جباية شئ من ذلك؟
قلنا: إن ثبت أن جهة نيابته عامة احتمل ذلك، وإلى الآن لم نظفر بشئ فيه وكلام الأصحاب قد يشعر بالعدم، لأن هذا خاصة الإمام، وليس هو كخراج الأرض المأخوذة عنوة، فإن هذا القسم كغيره كما سيأتي إن شاء الله.
فإن قيل: فلو استولى سلطان الجور على جباية شئ من خراج هذه الأرضين اعتمادا منه أنه يستحقه لزعمه أنه الإمام، فهل يحل تناوله؟