فإذا انتفت الدلالة الصريحة كفى الاستدلال بجهة نصوص العلة.
أجبنا: بأن الثانية منهن لا تعليل فيها، فلا دلالة لها بوجه، وأما الأولى والثانية فإنهما وإن تضمنت التعليل كما ذكر في السؤال، إلا أن ذلك لا يفيد ما ادعاه الخصم، لأن التعليل في النصوص إنما يقتضي ثبوت الحكم حيث تثبت تلك العلة بعينها، لا حيث ثبت ما أشبهها، فإن ذلك عين القياس الممنوع منه.
ونحن نقول بالموجب، فإنا بعد تسليم الدلالة المذكورة وانتفاء القوادح يحكم بالتحريم، حيث صارت بمنزلة الولد، وهو المنصوص والمتنازع فيه ما إذا صارت بمنزلة المحرم مطلقا. وأين هذا من ذاك، فمن حاول تعدية الحكم المستند إلى العلة المنصوص عليها إلى موضع انتفت فيه تلك العلة، لكن شبيه فيه ما هو شبهها، فقد ارتكب العمل بالقياس وخرج عن الأصول المقررة وذلك باطل قطعا، وقول في الدين بغير علم.
الثاني: إن في التعليل المذكور إجمالا ولبسا، لأن موضع البنات الحقيقي ومنزلتهن في قوله: " وكن في موضع بناتك "، وقوله: " وصارت بمنزلة ولدك " غير مراد قطعا، إذ لا معنى له، والمجاز غير متعين، لاحتمال إرادة المساواة في الوصف المقتضي للتحريم، وإرادة غير ذلك كالاحترام أو استحقاق الشفقة مثلا.
ومع الاجمال المذكور كيف يمكن الحمل على ذلك المعنى ليحصل تعدية الحكم إلى محل آخر. سلمنا الحمل على المساواة لتعينه فما المراد من هذه المساواة أم من بعض الوجود أم من جميعها. لا جائز أن يراد البعض ولا يثبت التحريم بالمساواة في أمرها، عملا بمقتضى التعليل المذكور، ولا جائز أن يراد المساواة من جميع الوجوه، لامتناع تحققه، ولا من وجه معين بخصوصه، لعدم إشعار اللفظ له بشئ.
الثالث: إنا إذا سلمنا دلالة الروايات المذكورة على المراد بغير مانع مما