للأصحاب كنحو ما سبق، لكن القائل بالتحريم هنا هو الشيخ في الخلاف والنهاية (1).
وقال ابن إدريس: قول شيخنا في ذلك غير واضح، وأي تحريم حصل بين أخت هذا المولود المرتضع وبين أولاد الفحل، وليست أختهم لا من أمهم ولا من أبيهم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل النسب أصلا للرضاع في التحريم فقال: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "، وفي النسب لا تحرم على الانسان أخت أخيه التي لا من أمه ولا من أبيه (2).
وفي المبسوط حكم بعدم التحريم في ذلك، والتجأ إلى ما أصله من أن التحريم بالمرتضع وحده، ومن كان من نسله دون من كان من طبقته، وهذه من طبقته، لأنه لا نسب بينه وبين أخت أخيه ولا رضاع، وهو واضح (3).
فإن قيل: النص السابق يدل على التحريم هنا التزاما، لأنه لما تضمن تحريم الأولاد على أب المرتضع، معللا بأنهم بمنزلة أولاده في التحريم، لزم من ذلك أن يكونوا لأولاده كالأخوة، فيحرم بعضهم على بعض، لأن البنوة لصاحب اللبن والأخوة لأولاده متلازمان، فيمتنع ثبوت إحداهما مع انتفاء الأخرى، وقد ثبتت البنوة بالنصوص السالفة فتثبت الأخوة، فيلزم التحريم.
قلنا: نمنع الدلالة الالتزامية هنا، لأن من شرطها اللزوم الذهني، بالمعنى الأخص، وليس بثابت، بل يمتنع التلازم أصلا، فإن ثبوت بنوة شخص لآخر تقتضي ثبوت الأخوة لأولاده، لا ثبوت الأخوة لأخوة أولاده، وذلك غير مقتضى للتحريم بوجه من الوجوه، والله أعلم بالصواب.