من أن أرض العراق ونحوها مما فتح عنوة بالسيف لا يملكها مالك مخصوص بل للمسلمين قاطبة، يؤخذ منها الخراج أو المقاسمة، ويصرف في مصارفه التي بها رواج الدين بأمر إمام الحق من أهل البيت عليهم السلام، كما وقع في أيام أمير المؤمنين عليه السلام.
وفي حال غيبته عليهم السلام قد أذن أئمتنا عليهم السلام لشيعتهم في تناول ذلك من سلاطين الجور - كما سنذكره مفصلا - فلهذا تداوله العلماء الماضون والسلف الصالحون، غير مستنكر ولا مستهجن. وفي زماننا حيث استولى الجهل على أكثر أهل العصر، واندرس بينهم معظم الأحكام، وخفيت مواقع الحلال والحرام، هدرت شقاشق الجاهلين، وكثرت جرأتهم على أهل الدين، استخرت الله تعالى وكتبت في تحقيق هذه المسألة رسالة ضمنتها ما نقله فقهاؤنا في ذلك من الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام، وأودعتها ما صرحوا به في كتبهم من الفتوى بأن ذلك حلال لا شك فيه، وطلق لا شبهة تعتريه، على وجه بديع، تذعن له قلوب العلماء، ولا تمجه أسماع الفضلاء.
واعتمدت في ذلك أن أبين عن هذه المسألة التي قل بذرها، وجهل قدرها، غيرة على عقائل المسائل، لا حرصا على حطام هذا العاجل، ولا تفاديا من تعويض جاهل، فإن لنا بموالينا أهل البيت عليهم السلام أعظم أسوة وأكمل قدوة، فقد قال الناس فيهم الأقاويل ونسبوا إليهم الأباطيل، وبملاحظة لو كان المؤمن في حجر ضب يبر كل عليل.
مع أني لما اقتصر في ما أشرت إليه على مجرد ما نبهنا عليه، بل أضفت إلى ذلك من الأسباب التي تثمر الملك وتفيد الحل، ما لا يشوبه شك ولا يلحقه لبس من شراء حصة في الأشجار، والاختصاص بمقدار معين من البذر، فقد ذكر أصحابنا طرقا للتخلص من الربا واسقاط الشفعة، ونحوها مما هو مشهور متداول