قبل أوانها، والتواني فيها قبل ابانها وزمانها وامكانها، واللجاجة فيها إذا تنكرت، والوهن إذا تبينت، فان لكل امر موضعا، ولكل حالة حالا ".
أقول: هذا العهد كأنه هو عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر، حين ولاه مصر.
ورواه السيد في نهج البلاغة (81)، والحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول (82)، وإن كان بينها اختلاف شديد في الزيادة والنقصان، كما أن بين الأخيرين أيضا اختلافا فيهما، وحيث إنه لا بد لنا من نقل ذلك العهد لكثرة فوائده المناسبة لهذا الباب، فنحن نسوقه بلفظ السيد:
قال السيد رحمه الله: ومن عهد له (عليه السلام) كتبه للأشتر النخعي على مصر وأعمالها، حين اضطرب امر أميره محمد بن أبي بكر رحمه الله، وهو أطول عهد كتبه وأجمعه للمحاسن: " بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مالك بن الحارث الأشتر، في عهده إليه حين ولاه مصر، جبوة (83) خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح ارضها وأهلها، وعمارة بلادها.
امره بتقوى الله، وايثار طاعته، واتباع ما امره به في كتابه، من فرائضه وسننه، التي لا يسعد أحد الا باتباعها، ولا يشقى الا مع جحودها واضاعتها، وان ينصر الله سبحانه بيده وقلبه ولسانه، فإنه جل اسمه قد تكفل بنصرة (84) من نصره، واعزاز من أعزه، وأمره ان يكسر نفسه عند الشهوات، ويزعها عند الجمحات، فان النفس امارة بالسوء الا ما رحم الله.
ثم اعلم يا مالك: اني وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وان الناس ينظرون من أمورك مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة