والتحذير من الوزر بالجزع والدعاء للميت بالمغفرة، وللمصاب يجبر المصيبة لأنه (صلى الله عليه وسلم) مر على امرأة تبكي على صبي لها فقال لها: اتقي الله واصبري. ثم قال: إنما الصبر أي الكامل عند الصدمة الأولى. رواه الشيخان ولان أسامة بن زيد قال أرسلت إحدى بنات النبي (صلى الله عليه وسلم) تدعوه وتخبره أن ابنا لها في الموت فقال للرسول ارجع إليها، فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شئ عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب، وتقييدي بنحو أهله من زيادتي وسن أن يعمهم بها حتى الصغار والنساء إلا الشابة فلا يعزيها إلا محارمها ونحوهم (و) هي (بعد دفنه أولى) منها قبله لاشتغال أهل الميت بتجهيزه قبله. قال في الروضة: إلا أن يرى من أهله جزعا شديدا فيختار تقديمها ليصبرهم. وذكر الأولوية من زيادتي (ثلاثة أيام تقريبا) من الموت لحاضر، ومن القدوم أو بلوغ الخبر لغائب، فتكره التعزية بعدها إذ لغرض منها تسكين قلب المصاب والغالب سكونه فيها، فلا يجدد حزنه (فيعزى مسلم بمسلم) بأن يقال له (أعظم الله أجرك) أي جعله عظيما (وأحسن عزاءك) بالمد أي جعله حسنا (وغفر لميتك وبكافر أعظم الله أجرك) مع قوله (وصبرك) أو أخلف عليك أو جبر مصيبتك أو نحوه، كما في الروضة كأصلها نعم لو كان الميت ممن لا يخلف بدله كأب، فليقل بدل أخلف عليك خلف عليك أي كان الله خليفة عليك، نقله الشيخ أبو حامد عن الشافعي (و) يعزى (كافر محترم بمسلم) بأن يقال له (غفر الله لميتك وأحسن عزاءك). وخرج بزيادتي محترم الحربي والمرتد فلا يعزيان إلا أن يرجى إسلامهما، وللمسلم تعزية كافر محترم بمثله فيقول: أخلف الله عليك ولا نقص عددك.
(وجاز بكاء عليه) أي على الميت قبل موته وبعده لأنه (صلى الله عليه وسلم) بكى على ولده إبراهيم قبل موته وقال: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. وبكى على قبر بنت له وزار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، روى الأول الشيخان والثاني البخاري والثالث مسلم. والبكاء عليه بعد الموت خلاف الأولى لأنه حينئذ يكون أسفا على ما فات، نقله في المجموع عن الجمهور بل نقل في الأذكار عن الشافعي والأصحاب أنه مكروه لخبر فإذا وجبت فلا تبكين باكية قالوا: وما الوجوب يا رسول الله.
قال: الموت رواه الشافعي وغيره بأسانيد صحيحة (لا ندب) وهو عد محاسنه فلا يجوز كأن يقال وا كهفاه وا جبلاه وا سنداه وقيل عدها مع البكاء وجزم به في المجموع (و) لا (نوح) وهو رفع الصوت بالندب (و) لا (جزع بنحو ضرب صدر) كضرب خد وشق جيب قال (صلى الله عليه وسلم): النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوما لقيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب. رواه مسلم. وقال (صلى الله عليه وسلم): ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى