فصل في أركان الحج والعمرة وبيان أوجه أدائهما مع ما يتعلق بذلك:
(أركان الحج) ستة (إحرام) به أي نية الدخول فيه لخبر إنما الأعمال بالنيات (ووقوف) بعرفة لخبر الحج عرفة، (وطواف) لقوله تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق) (وسعي) لما روى الدارقطني وغيره بإسناد حسن كما في المجموع أنه (صلى الله عليه وسلم) استقبل القبلة في المسعى وقال: يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم. (وحلق أو تقصير) لتوقف التحلل عليه مع عدم جبره بدم كالطواف، والمراد إزالة الشعر كما مر (وترتيب المعظم) بأن يقدم الاحرام على الجميع والوقوف على طواف الركن والحلق أو التقصير على السعي إن لم يفعل بعد طواف القدوم ودليله الاتباع مع خبر خذوا عني مناسككم وقد عده في الروضة كأصلها ركنا، وفي المجموع شرطا، والأول أنسب بما في الصلاة وقولي أو تقصير إلى آخره من زيادتي. (ولا تجبر) أي الأركان، أي لا دخل للجبر فيها وتقدم ما يجبر بدم ويسمى بعضا وغيرها يسمى هيئة، (وغير الوقوف) من الستة (أركان للعمرة) لشمول الأدلة لها، وظاهر أن الحلق أو التقصير يجب تأخيره فالترتيب فيها مطلق ويؤديان أي الحج والعمرة على ثلاثة أوجه لأنه أما أن يحرم بهما معا أو يبدأ بحج أو بعمرة. قالت عائشة رضي الله عنها: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام حجة الوداع فمنا من أهل بحج ومنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة. رواه الشيخان، أحدها أن يؤديا (بأفراد بأن يحج ثم يعتمر) بأن يحرم بعد فراغه من الحج بالعمرة ويأتي بعملها، (و) ثانيها (بتمتع بأن يعكس) بأن يعتمر ولو من غير ميقات بلده ثم يحج سواء أحرم بالحج من مكة أم من ميقات أحرم بالعمرة منه أم من مثل مسافته أو من ميقات أقرب منه، وإن أوهم كلام الأصل اشتراط كونه من مكة أو من ميقات عمرته وكون العمرة من ميقات بلده، وسمي الآتي بذلك متمتعا لتمتعه بمحظورات الاحرام بين النسكين أو لتمتعه بسقوط العود للميقات عنه. (و) ثالثها (بقران بأن بحرم بهما) معا في أشهر حج (أو بعمرة) ولو قبل أشهره (ثم يحج) في أشهره (قبل شروع في طواف ثم يعمل عمله) أي الحج فيهما فيحصلان، أما الأول فلخبر عائشة السابق، وأما الثاني فلما روى مسلم أن عائشة أحرمت بعمرة فدخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوجدها تبكي فقال: ما شأنك. قالت: حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أهلي بالحج. ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالبيت وبالصفا