كتاب العارية بتشديد الياء وقد تخفف وهي اسم لما يعار ولعقدها من عار إذا ذهب وجاء بسرعة، وقيل من التعاور وهو التناوب. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: (ويمنعون الماعون) فسره جمهور المفسرين بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض، وخبر الصحيحين أنه (صلى الله عليه وسلم) استعار فرسا من أبي طلحة فركبه والحاجة داعية إليها وهي مستحبة، وقد تجب كإعارة الثوب لدفع حر أو برد وقد تحرم كإعارة الأمة من أجنبي، وقد تكره كإعارة العبد المسلم من كافر كما سيأتي.
(أركانها) أربعة (مستعير ومعار وصيغة ومعير وشرط فيه ما) مر (في مقرض) من اختيار وهو من زيادتي، وصحة تبرع لان الإعارة تبرع بإباحة المنفعة، فلا تصح من مكره وصبي ومجنون ومكاتب بغير إذن سيده ومحجور سفه وفلس (وملكه المنفعة) وإن لم يكن مالكا للعين، لان الإعارة إنما ترد على المنفعة دون العين (كمكتر لا مستعير) لأنه غير مالك للمنفعة وإنما أبيح له الانتفاع، فلا يملك نقل الإباحة. كما أن الضيف لا يبيح لغيره ما قدم له، فإن أعار بإذن المالك صح، وهو باق على إعارته إن لم يسم الثاني. (و) شرط (في المستعير تعيين وإطلاق تصرف) وهما من زيادتي، فلا يصح لغير معين كأن قال أعرت أحدكما ولا لبهيمة ولا لصبي ومجنون وسفيه إلا بعقد وليهم إذا لم تكن العارية مضمنة كأن استعار من مستأجر، (وله) أي للمستعير (إنابة من استوفى له) المنفعة لان الانتفاع راجع إليه. (و) شرط (في المعار انتفاع) به بأن يستفيد المستعير منفعته وهو الأكثر، أو عينا منه كما لو استعار شاة مثلا ليأخذ درها ونسلها، أو شجرة ليأخذ ثمرها، فلا يعار ما لا ينتفع به كحمار زمن (مباح) فلا تصح إعارة ما يحرم الانتفاع به، كآلة لهو وفرس وسلاح لحربي وكأمة مشتهاة لخدمة رجل غير نحو محرم لها ممن يحرم نظره إليها لخوف الفتنة، أما غير المشتهاة لصغر أو قبح فصحح في الروضة صحة إعارتها، وفي الشرح الصغير منعها، وقال الأسنوي المتجه الصحة في الصغيرة دون القبيحة أهو كالقبيحة الكبيرة غير المشتهاة والخنثى يحتاط فيه معارا ومستعيرا، وتعبيري بمباح أولى من قوله ويجوز إعارة جارية لخدمة امرأة أو محرم. وشرط فيه أن يكون الانتفاع به (مع بقائه)، فلا يعار المطعوم ونحوه، لان الانتفاع به إنما هو باستهلاكه، فانتفى المعنى المقصود