كتاب القراض القراض مشتق من القرض وهو القطع، سمي بذلك لان المالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح، ويسمى أيضا مضاربة كما صرح به الأصل ومقارضة والأصل فيه الاجماع والحاجة. واحتج له الماوردي بقوله تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) وبأنه (صلى الله عليه وسلم) ضارب لخديجة بمالها إلى الشأم وأنفذت معه عبدها ميسرة. والقراض أخذا مما يأتي توكيل مالك بجعل ماله ببلد آخر ليتجر فيه والربح مشترك بينهما، وهذا أولى من قول الأصل القراض أن يدفع إليه مالا إلى آخره.
(أركانه) ستة (مالك وعامل وعمل وربح وصيغة ومال، وشرط فيه) أي في المال (كونه نقدا) دراهم أو دنانير (خالصا معلوما) جنسا وقدرا وصفة معينا بيد عامل، فلا يصح على عرض ولو فلوسا وتبرأ وحليا ومنفعة لان في القراض إغرارا إذ العمل فيه غير مضبوط والربح غير موثوق به، وإنما جوز للحاجة فاختص بما يروج بكل حال وتسهل التجارة به (و) لا على نقد (مغشوش) ولو رائجا لانتفاء خلوصه نعم إن كان غشه مستهلكا جاز، قاله الجرجاني، (و) لا على (مجهول) جنسا أو قدرا أو صفة ولا على غير معين كأن قارضه على ما في الذمة من دين أو غيره نعم لو قارضه على نقد في ذمته ثم عينه في المجلس صح، خلافا للبغوي، وكأن قارضه على إحدى صرتين ولو متساويتين نعم لو علم في المجلس عينه صح، بخلاف ما لو علم فيه جنسه وقدره وصفته لا يصح على الأشبه في المطلب (ولا) يصح (بشرط كونه) أي المال (بيد غيره) أي غير العامل كالمالك ليوفي منه ثمن ما اشتراه العامل، لأنه قد لا يجده عند الحاجة. وتعبيري بغيره أعم من تعبيره بالمالك، (و) شرط (في المالك ما) شرط (في موكل وفي العامل ما) شرط (في وكيل) لان القراض توكيل وتوكل فيجوز أن يكون المالك أعمى دون العامل، ولا يجوز أن يكون أحدهما سفيها ولا صبيا ولا مجنونا. ولوليهم أن يقارض لهم (وأن يستقل) أي العامل (بالعمل) ليتمكن من العمل متى شاء، فلا يصح شرط عمل غيره معه لان انقسام العمل يقتضي انقسام اليد. ويصح شرط إعانة مملوك المالك له في العمل ولا يد للمملوك لأنه مال فجعل