كتاب البيع يطلق البيع على قسيم الشراء، وهو تمليك بثمن على وجه مخصوص، والشراء تمليك بذلك وعلى العقد المركب منهما وهو المراد بالترجمة وهو لغة مقابلة شئ بشئ. وشرعا مقابلة مال بمال على وجه مخصوص، والأصل فيه قبل الاجماع آيات كقوله تعالى: (وأحل الله البيع). وأخبار كخبر سئل النبي (صلى الله عليه وسلم): أي الكسب أطيب؟ فقال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور أي لا غش فيه ولا خيانة، رواه الحاكم وصححه (أركانه) كما في المجموع ثلاثة وهي في الحقيقة ستة (عاقد) بائع ومشتر (ومعقود عليه) مثمن وثمن (وصيغة ولو كناية)، وسماها الرافعي شروطا وكلام الأصل يميل إليه فإنه صرح بشرطية الصيغة التي هي الأصل وسكت عن الآخرين والصيغة (إيجاب) وهو ما يدل على التمليك السابق دلالة ظاهرة (كبعتك وملكتك واشتر مني) كذا بكذا، ولو مع إن شئت وإن تقدم على الايجاب (وكجعلته لك بكذا) ناويا البيع (وقبول) وهو ما يدل على التملك السابق كذلك. (كاشتريت وتملكت وقبلت وإن تقدم) على الايجاب (كبعني) بكذا لان البيع منوط بالرضا، لخبر ابن حبان في صحيحه إنما البيع عن تراض والرضا خفي فاعتبر ما يدل عليه من اللفظ فلا بيع بمعاطاة ويرد كل ما أخذه بها أو بدله إن تلف، وقيل ينعقد بها في كل ما يعد فيه بيعا كخبز ولحم بخلاف غيره كالدواب والعقار. واختاره النووي والتصريح باشتر مني من زيادتي، ويستثنى من صحته بالكناية بيع الوكيل المشروط عليه الاشهاد فيه فلا يصح بها لان الشهود لا يطلعون على النية فإن توفرت القرائن عليه قال الغزالي، فالظاهر انعقاده ولو كتب إلى غائب ببيع أو غيره صح، ويشترط قبول المكتوب إليه عند وقوفه على الكتاب ويمتد خيار مجلسه ما دام في مجلس القبول ويمتد خيار الكاتب إلى انقطاع خيار المكتوب إليه، فلو كتب إلى حاضر فوجهان المختار منهما تبعا للسبكي الصحة واعتبار الصيغة جار حتى في بيع متولي الطرفين كبيع ماله من طفله. وفي البيع الضمني لكن تقديرا كأن قال أعتق عبدك عني بكذا ففعل فإنه يعتق عن الطالب ويلزمه العوض. كما سيأتي في الكفارة فكأنه قال بعنيه وأعتقه عني وقد أجابه (وشرط فيهما) أي في الايجاب والقبول ولو بكتابة أو إشارة أخرس كما سيأتي حكمهما في كتاب الطلاق، (أن لا يتخللهما كلام أجنبي) عن العقد ممن يريد أن يتسم العقد ولو يسيرا لان فيه إعراضا عن القبول بخلاف اليسير في الخلع، ويفرق بأن فيه من جانب الزوج شائبة تعليق ومن جانب الزوجة شائبة جعالة، وكل منهما محتمل للجهالة بخلاف البيع وهذا
(٢٧١)