كتاب المساقاة مأخوذ من السقي المحتاج إليه فيها غالبا لأنه أنفع أعمالها وأكثرها مؤنة، والأصل فيها قبل الاجماع خبر الصحيحين أنه (صلى الله عليه وسلم) عامل أهل خيبر وفي رواية دفع إلى يهود خيبر نخلها وأرضها بشرط ما يخرج منها من ثمر أو زرع، والمعنى فيها أن مالك الأشجار قد لا يحسن تعهدها أو لا يتفرغ له، ومن يحسن ويتفرغ قد لا يملك أشجارا فيحتاج ذلك إلى الاستعمال وهذا إلى العمل، ولو اكترى المالك لزمته الأجرة في الحال وقد لا يحصل له شئ من الثمار ويتهاون العامل، فدعت الحاجة إلى تجويزها وهي أخذا مما يأتي معاملة الشخص غيره على شجر ليتعهده بسقي وغيره، والثمرة لهما (أركانها) ستة، (عاقدان) مالك وعامل (وعمل وثمر وصيغة ومورد وشرط فيه) أي في المورد (كونه نخلا أو عنبا مرئيا معينا بيد عامل مغروسا لم يبد صلاح ثمره) سواء أظهر أم لا، فلا تصح على غير نخل وعنب استقلالا كتين وتفاح ومشمش وصنوبر وبطيخ، لأنه ينمو بغير تعهد أو يخلو عن العوض مع أنه ليس في معنى النخل، ولا على غير مرئي ولا على مبهم كأحد البساتين كما في سائر عقود المعاوضة، ولا على كونه بيد غير العامل كأن جعل بيده ويد المالك كما في القراض ولا على ودي يغرسه ويتعهده والثمرة بينهما كما لو سلمه بذرا ليزرعه ولان الغرس ليس من عمل المساقاة فضمه إليه يفسدها، ولا على ما بدا صلاح ثمره لفوات معظم الأعمال وقولي مرئيا معينا من زيادتي، (و) شرط (في العاقدين مما مر) فيهما (في القراض) وتقدم بيانه ثم (وشريك مالك كأجنبي) فتصح مساقاته له إن شرط له زيادة على حصته كما يؤخذ مما يأتي، (و) شرط (في العمل أن لا يشرط على العاقد ما ليس عليه) فلو شرط ذلك (كأن شرط على العامل أن يبني جدارا) لحديقة (أو على المالك) هو من زيادتي (تنقية النهر) لم يصح العقد لأنه شرط عقد في عقد، ولأنه في الأول استئجار بعوض مجهول (وأن يقدر) أي العمل (بزمن معلوم يثمر فيه الشجر غالبا) كسنة أو أكثر كالإجارة، فلا تصح مؤبدة ولا مطلقة ولا مؤقتة بإدراك الثمر للجهل بوقته، فإنه يتقدم تارة ويتأخر أخرى ولا مؤقتة
(٤١٧)