كتاب الصوم هو لغة الامساك وشرعا إمساك عن المفطر على وجه مخصوص. والأصل في وجوبه قبل الاجماع مع ما يأتي آية كتب عليكم الصيام وخبر بني الاسلام على خمس (يجب صوم رمضان بكمال شعبان ثلاثين) يوما (أو رؤية الهلال) في حق من رآه وإن كان فاسقا، (أو ثبوتها) في حق من لم يره (بعدل شهادة) لخبر البخاري: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. ولقول ابن عمر أخبرت النبي (صلى الله عليه وسلم) أني رأيت الهلال فصام وأمر الناس بصيامه، رواه أبو داود وصححه ابن حبان. ولما روى الترمذي غيره أن أعرابيا شهد عند النبي (صلى الله عليه وسلم) برؤيته فأمر الناس بصيامه. و المعنى في ثبوته بالواحد الاحتياط للصوم وخرج بعدل الشهادة غير العدل وعدل الرواية فلا يكفي فاسق وعبد وامرأة، وصحح في المجموع أنه لا يشترط العدالة الباطنة وهي التي يرجع فيها إلى قول المزكين، واستشكل بأن الصحيح أنها شهادة لا رواية ويجاب بأنه اغتفر فيه ذلك كما اغتفر فيه الاكتفاء بعدل للاحتياط وهي شهادة حسبة قالت طائفة منهم البغوي. ويجب الصوم أيضا على من أخبره موثوق به بالرؤية إذا اعتقد صدقة وإن لم يذكره عند القاضي، ويكفي في الشهادة أشهد أني رأيت الهلال خلافا لابن أبي الدم ومحل ثبوت رمضان بعدل في الصوم وتوابعه كصلاة التراويح لا في غيرها كدين مؤجل به ووقوع طلاق وعتق معلقين به، قال الأسنوي: إلا أن يتعلق بالشاهد لاعترافه. قال وما صححوه من ثبوته بعدل خلاف مذهب الشافعي فإنه رجع عنه في الام وقال لا يجوز فيه إلا شاهدان، وأجيب بأن رجوعه إنما كان بالقياس لما لم يثبت عنده في ذلك خبر، كما يدل له كلامه في مختصر المزني وقد ثبت أنه (صلى الله عليه وسلم) قبل شهادة كل من ابن عمر والأعرابي وحده (وإذا صمنا بها) أي برؤية عدل أو عدلين كما فهم بالأولى (ثلاثين أفطرنا) وإن لم ير الهلال بعدها، ولم يكن غيم لان الشهر يتم بمضي ثلاثين ولا يرد لزوم الافطار بواحد، لان الشئ يثبت ضمنا بما لا يثبت به مقصودا (وإن رؤي) الهلال) بمحل لزم حكمه محلا قريبا) منه (وهو) يحصل (باتحاد المطلع) بخلاف البعيد عنه وهو يحصل باختلاف المطلع أو بالشك فيه كما صرح به في الروضة كأصلها إلا بمسافة القصر خلافا للرافعي، قياسا على طلوع الفجر والشمس وغروبهما، ولان أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر. لكن قال الامام اعتبار المطالع يحوج إلى حساب وتحكيم المنجمين وقواعد الشرع تأبى ذلك بخلاف مسافة القصر
(٢٠٥)