كتاب التفليس هو لغة النداء على المفلس وشهره بصفة الافلاس المأخوذ من الفلوس التي هي أخس الأموال. وشرعا جعل الحاكم المديون مفلسا بمنعه من التصرف في ماله. والأصل فيه ما رواه الدارقطني وصحح إسناده أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حجر على معاذ وباع ماله في دين كان عليه وقسمه بين غرمائه فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وسلم): ليس لكم إلا ذلك (من عليه دين آدمي لازم حال زائد على ماله حجر عليه) في ماله إن استقل (أو على وليه) في مال موليه إن لم يستقل (وجوبا) فلا حجر بدين لله تعالى غير فوري كنذر مطلق وكفارة لم يعص بسببها، ولا بدين غير لازم كنجوم كتابة لتمكن المدين من إسقاطه ولا بمؤجل لأنه لا يطالب به، ولا بدين مساو لماله أو ناقص عنه فلا يجب الحجر في شئ من ذلك، نعم لو طلبه الغرماء في المساوي أو الناقص بعد الامتناع من الأداء وجب لكنه ليس بحجر فلس بل حجر غريب. والمراد بماله ماله العيني أو الديني الذي يتيسر الأداء منه بخلاف المنافع والمغصوب والغائب ونحوهما. وقولي آدمي لازم مع قولي أو على وليه وجوبا من زيادتي، وإنما يحجر على من ذكر (بطلبه) ولو بوكيله لان له فيه غرضا ظاهرا، (أو طلب غرمائه) ولو بنوابهم كأوليائهم لان الحجر لحقهم (أو) طلب (بعضهم ودينه كذلك) أي لازم إلى آخره، فإن كان لغريمه ولي خاص ولم يطلب حجر عليه الحاكم (وسن) له (إشهاد على حجره) أي المفلس مع النداء عليه ليحذر الناس معاملته، والتصريح بالسن من زيادتي (ولا يحل) دين (مؤجل بحجر) بحال بخلاف الموت لان الذمة خربت بالموت دون الحجر، (وبه) أي وبالحجر عليه بطلب أو بدونه (يتعلق حق الغرماء بماله) كالرهن عينا كان أو دينا أو منفعة فلا تزاحمهم فيه الديون الحادثة (ولا يصح تصرفه فيه بما يضرهم كوقف وهبة ولا) يصح (بيعه) ولو لغرمائه بدينهم بغير إذن القاضي لان الحجر يثبت على العموم، ومن الجائز أن يكون له غريم آخر وخرج بحق الغرماء حق الله تعالى المقيد بما مر كزكاة ونذر وكفارة، فلا يتعلق بمال المفلس كما جزم به في الروضة كأصلها في الايمان وبتصرفه فيه تصرفه في غيره كتصرفه بيعا وشراء في ذمته، فيثبت المبيع والثمن فيهما وكنكاحه وطلاقه وخلعه إن صدر من زوج واقتصاصه وإسقاطه القصاص ورده بعيب أو إقالة إن كان بغبطة إذ لا
(٣٤٢)