كتاب الهبة تقال لما يعم الصدقة والهدية ولما يقابلهما، وقد استعملت الأول في تعريفها والثاني في أركانها وسيأتي ذلك، والأصل فيها على الأول قبل الاجماع قوله تعالى: (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) (1) وقوله: (وآتي المال على حبه) (2) الآية، و أخبار كخبر الترمذي الآتي في الكلام على الرجوع فيها وخبر الصحيحين: لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة أي ظلفها.
(هي) أي الهبة بالمعنى الأول (تمليك تطوع في حياة) فخرج بالتمليك العارية والضيافة والوقف، وبالتطوع غيره كالبيع والزكاة والنذر والكفارة، فتعبيري به أولى من قوله: بلا عوض وبزيادتي في حياة الوصية لان التمليك فيها إنما يتم بالقبول وهو بعد الموت. (فإن ملك لاحتياج أو لثواب آخرة) هو أولى من قوله محتاجا لثواب الآخرة. (فصدقة) أيضا (أو نقله للمتهب إكراما) له (فهدية) أيضا فكل من الصدقة والهدية هبة ولا عكس وكلها مسنونة وأفضلها الصدقة، والهبة المرادة عند الاطلاق مقابل الصدقة والهدية ومنها قولي: (وأركانها) أي الهبة بالمعنى الثاني المراد عند الاطلاق ثلاثة: (صيغة وعاقد وموهوب، وشرط فيها) أي في هذه الثلاثة (ما) مر في نظيرها (في البيع) ومنه عدم التعليق والتأقيت فذكره من زيادتي (لكن تصح هبة نحو حبتي بر) ولا يصح بيعه كما مر (لا) هبة (موصوف) في الذمة كما أشار إليه الرافعي في الصلح ويصح بيعه وهذا من زيادتي، وخرج بهذه الهبة الهدية، وصرح بها الأصل والصدقة فلا يعتبر فيهما صيغة بل يكفي فيهما بعث وقبض.
(و) شرط (في الواهب أهلية تبرع) هذا من زيادتي فلا تصح من مكاتب بغير إذن سيده ولا من ولي. (وهبة الدين) المستقر (للمدين إبراء) فلا يحتاج إلى قبول اعتبارا بالمعنى.
(ولغيره) هبة (صحيحة) كما صححه جمع تبعا للنص وهو نظير ما مر في بيعه بل أولى وصحح الأصل بطلانها نظير ما مر له في بيعه وما تقرر هو في هبة غير المنافع، أما هبتها ففيها وجهان:
أحدهما أنها ليست بتمليك بناء على أن ما وهبت منافعه عارية وهو ما جزم به الماوردي وغيره ورجحه الزركشي، والثاني أنها تمليك بناء على أن ما وهبت منافعه أمانة وهو ما رجحه ابن