وجهين (أحدهما) أن رواية ابن عمر " وكان يصبح في الغيم صائما " ولا يفعل ذلك الا وهو يعتقد أنه معنى الحديث وتفسيره قال (فان قيل) فقد روى عن ابن عمر أنه قال " لو صمت السنة لأفطرت هذا اليوم يعنى يوم الشك " وروى عنه " صوموا مع الجماعة وأفطروا مع الجماعة " (قلنا) المراد لأفطرت يوم الشك الذي في الصحو وكذا الرواية الأخرى عنه قال (فان قيل) يحتمل انه كان يصبح ممسكا احتياطا لاحتمال قيام بينة في أثناء النهار بأنه من رمضان فنسمى إمساكه صوما (قلنا) الامساك ليس بصوم شرعي فلا يصح الحمل عليه ولأنه لو كان للاحتياط لأمسك في يوم الصحو لاحتمال قيام بنية بالرؤية (الوجه الثاني) ان معنى " اقدروا له " ضيقوا عدة شعبان بصوم رمضان كما قال الله تعالى (ومن قدر عليه رزقه) أي ضيق عليه رزقه قال وإنما قلنا إن التضييق بان يجعل شعبان تسعة وعشرين يوما أولى من جعله ثلاثين لأوجه (أحدها) انه تأويل ابن عمر راوي الحديث (والثاني) ان هذا المعنى متكرر في القرآن (والثالث) أن فيه احتياطا للصيام (فان قيل) فقد روى مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " فان غم عليكم فاقدروا له ثلاثين " فيحمل المطلق على المقيد (قلنا) ليس هذا بصريح لأنه يحتمل رجوعه إلى هلال شوال لأنه سبقه بقوله (وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم) يعنى هلال شوال فنستعمل اللفظين على موضعين وإنما يحمل المطلق على المقيد إذا لم يكن المقيد محتملا ويدل عليه رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فاقدروا له ثلاثين يوما ثم أفطروا " ويستنبط من الحديث دليل آخر وهو ان معناه اقدروا له زمانا يطلع في مثله الهلال وهذا الزمان يصلح وجود الهلال فيه ولان في المسألة إجماع الصحابة روى ذلك عن عمر وابنه وأبي هريرة وعمرو بن العاص ومعاوية وأنس وعائشة وأسماء ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة عن سالم بن عبد الله قال " كان أبى إذا أشكل عليه شأن الهلال تقدم قبله بصيام
(٤٠٩)