وقد ذكرنا في كتاب الحج وغيره ما يدل على صحة سماع عمرو من أبيه وسماع أبيه من جده عبد الله ابن عمرو قال وقد انضم إلى حديثه هذا حديث أم سلمة وحديث عائشة في الفتخات قال البيهقي من قال لا زكاة في الحلي زعم أن الأحاديث والآثار الواردة في وجوب زكاته كانت حين كان التحلي بالذهب حراما على النساء فلما أبيح لهن سقطت زكاته قال البيهقي وكيف يصح هذا القول مع حديث عائشة إن كان ذكر الورق فيه محفوظا غير أن رواية القسم وابن أبي مليكة عن عائشة في تركها اخراج زكاة الحلي مع ما ثبت من مدهبها من اخراج زكاة أموال اليتامى يوقع ريبة في هذه الرواية المرفوعة فهي لا تخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه الا فيما علمته منسوخا قال البيهقي ومن العلماء من قال زكاة الحلي عاريته روى هذا عن ابن عمر وسعيد بن المسيب قال البيهقي والذي يرويه فقهاؤنا عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس في الحلي زكاة لا أصل له إنما روى عن جابر من قوله غير مرفوع والذي يروى عن عافية بن أيوب عن الليث عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا لا أصل له وعافية بن أيوب مجهول فمن احتج به مرفوعا كان مغررا بدينه داخلا فيما نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين والله يعصمنا من أمثاله هذا آخر كلام البيهقي فهذا مختصر ما يتعلق بأحاديث الباب وحصل في ضمنه بيان الحديثين اللذين ذكرهما المصنف وهما حديث عمرو بن شعيب وحديث جابر والله تعالى أعلم * اما أحكام الفصل فمقصوده بيان ما يجوز لبسه من الحلي للرجال والنساء وما يجوز للرجال خاصة أو للنساء خاصة وما تجب فيه الزكاة منه: قد سبق بيان جمل منه في باب ما يكره لبسه وإنما ذكر الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى ما يحل من الحلي ويحرم في هذا الباب ليعلم حكم الزكاة فيه قال الشافعي والأصحاب فكل متخذ من الذهب والفضة من حلي وغيره إذا حكم بتحريم استعماله أو كراهته وجبت فيه الزكاة بلا خلاف ونقلوا فيه اجماع المسلمين وإن كان استعماله مباحا كحلي النساء وخاتم الفضة للرجل والمنطقة وغير ذلك مما سنوضحه إن شاء الله تعالى ففي وجوب الزكاة فيه قولان مشهوران أصحهما عند الأصحاب لا كمالا تجب في ثياب البدن والأثاث وعوامل الإبل والبقر وهذا مع الآثار السابقة عن الصحابة رضي الله عنهم وهذا نصه في البويطي والقديم قال السرخسي وغيره وبه قال أكثر أهل العلم وممن صححه من أصحابنا المزني وابن القاص في المفتاح والبندنيجي والماوردي والمحاملي
(٣٥)