{الشرح} الأثر المذكور عن عائشة رضي الله عنها صحيح رواه مسلم في صحيحه وهذا لفظه عن عائشة قالت " أن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه الا وأنا مارة " ذكره مسلم في كتاب الطهارة (أما) حكم المسألة فقال أصحابنا إن كان اعتكاف تطوع جاز أن يخرج لعيادة المريض لما ذكره المصنف ونقل القاضي أبو الطيب في المجرد عن الأصحاب أنهم قالوا البقاء في الاعتكاف أو عيادة المريض سواء لأنهما طاعتان مندوب إليهما فاستويا وهذا موافق لقول المصنف وآخرين حكاه صاحب الشامل ثم قال وهذا مخالف للسنة لان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج من الاعتكاف لعيادة المريض وكان اعتكافه نفلا لا نذرا والمذهب ما قدمناه عن الأصحاب (فاما) الاعتكاف المنذور فلا يجوز الخروج منه لعيادة المريض هكذا نص عليه الشافعي في المختصر والأصحاب في جميع طرقهم لان الاعتكاف المنذور واجب فلا يجوز الخروج منه إلى سنة وانفرد صاحب الحاوي فقال إن خرج لعيادة المريض من غير شرط لذلك في نذره فإن كان من ذوي رحمه وليس له من يقوم به فهو مأمور بالخروج إليه وإذا عاد بنى على اعتكافه كالمرأة إذا خرجت لقضاء العدة ثم عادت تبنى وفيه وجهان وفيه وجه أنه يستأنف وهذا الذي ذكره صاحب الحاوي غريب وقد نقله أيضا السرخسي عن صاحب التقريب قال وله أن يبقى عند المريض إلى أن يبرأ ثم يعود وهذا اختيار لصاحب التقريب لم ينقله والله أعلم * واتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يستحب له عيادة مريض في المسجد (أما) إذا خرج لقضاء الحاجة فعاد في طريقه مريضا فإن لم يقف لسبب العيادة ولا عدل عن طريقه بسببها بل اقتصر على السؤال جاز ولا ينقطع اعتكافه المنذور المتتابع بلا خلاف لحديث عائشة السابق ولأنه لم يفوت زمانا بسببه وان وقف للعيادة وأطال بطل اعتكافه بلا خلاف كما لو خرج للعيادة وإن لم يطل فطريقان (أصحهما) لا يبطل اعتكافه وجها واحدا وبه قطع البغوي والأكثرون وادعى إمام الحرمين اتفاق الأصحاب عليه ووجهه أنه قدر يسير ولم يخرج بسببه (والطريق الثاني) فيه وجهان (أحدهما) هذا (والثاني) يبطل وبهذا الطريق قطع المتولي ووجه البطلان أنه غير محتاج إليه قال المتولي والرجوع في القلة والكثرة في هذا إلى العرف حتى إن كان المريض في داره التي يقصد لقضاء الحاجة وطريقه في صحنها والمريض في بيت أو حجرة منها فهو قريب وإن كان في درب آخر فهو طويل ولو أزور عن الطريق لعيادة
(٥١١)