الاعتكاف بصعودها بلا خلاف سواء صعدها المؤذن أو غيره هكذا صرح به الأصحاب واتفقوا عليه ونقله إمام الحرمين عن الأصحاب فقال لو كانت المنارة خارجة عن سمت المسجد متصلة به وبابها لاط فقد قطع الأصحاب بان صعودها لا يقطع التتابع وإن كانت لا تعد من المسجد ولو اعتكف فيها لم يصح لان حريم المسجد لا يثبت له حكم المسجد في صحة الاعتكاف فيه وتحريم المكث فيه على الجنب ولكن النص قاطع بما ذكرته ولم أر فيه خلافا مع الاحتمال الظاهر لان الخارج إليها خارج إلى بقعة لا تصلح للاعتكاف هذا كلام الامام واختصره الرافعي فقال وأبدى امام الحرمين احمالا في الخارجة عن سمته قال لأنها حينئذ لا تعد من المسجد ولا يصح الاعتكاف فيها قال الرافعي وكلام الأصحاب ينازعه فيما استدل به وهذا الذي قاله الرافعي صحيح وسيأتي في كلام المحاملي وغيره في فرع بعد هذا التصريح بخلاف ما استدل به إمام الحرمين رحمه الله والله تعالى أعلم (الحال الثاني) أن لا يكون بابها في المسجد ولا رحبته المتصلة به بل تكون منفصلة عنهما فلا يجوز للمعتكف الخروج إليها لغير الاذان بلا خلاف وفى المؤذن أوجه (أصحها) لا يبطل في المؤذن الراتب في المسجد ويبطل في غيره (والثاني) يبطل فيهما (والثالث) لا يبطل فيهما وهذا ظاهر النص كما سبق وهو مقتضى اطلاق المصنف في التنبيه لكن يتأول كلامه على موافقة الأكثرين في الفرق بين المؤذن الراتب وغيره فيقال مراده إذا كان المؤذن راتبا وهكذا يحمل قول المحاملي في المجموع وقول القاضي أبى الطيب في المجرد فإنهما قالا إذا كانت المنارة خارجة عن المسجد والرحبة فالذي عليه عامة أصحابنا أن له صعودها للاذان ولا يضره في اعتكافه قالا وهو ظاهر نص الشافعي قال ومن منعه تأول نص الشافعي على ما إذا كانت المنارة في الرحبة فالحاصل أن من قال لا يبطل الاعتكاف بصعود المنارة المنفصلة أخذ بظاهر نص الشافعي ومن قال يبطل حمله على المنارة التي في رحبة المسجد قال المتولي وهذا القائل يقول إنما قال الشافعي وإن كانت خارجا لان الناس في العادة لا يعدون الرحبة من المسجد ومن فرق بين المؤذن الراتب وغيره حمل النص على الراتب وقد قدمنا أن الفرق بين الراتب وغيره هو الأصح وممن صححه البغوي والرافعي (واعلم) أن صورة المسألة في منارة قريبة من المسجد مبنية له فاما غيرها فيبطل اعتكافه بالذهاب إليها
(٥٠٦)