{فرع} في مذاهب العلماء في مسجد الاعتكاف * قد ذكرنا أن مذهبنا اشتراط المسجد لصحة الاعتكاف وأنه يصح في كل مسجد وبه قال مالك وداود وحكى ابن المذر عن سعيد ابن المسيب أنه قال إنه لا يصح إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وما أظن أن هذا يصح عنه وحكي هو وغيره عن حذيفة ابن اليمان الصحابي أنه لا يصح إلا في المساجد الثلاثة المسجد الحرام ومسجد المدينة والأقصى وقال الزهري والحكم وحماد لا يصح إلا في الجامع * وقال أبو حنيفة وأحمد واسحق وأبو ثور يصح في كل مسجد يصلى فيه الصلوات كلها وتقام فيه الجماعة * واحتج لهم بحديث عن جوبير عن الضحاك عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح " رواه الدارقطني وقال الضحاك لم يسمع من حذيفة قلت وجويبر ضعيف باتفاق أهل الحديث فهذا الحديث مرسل ضعيف فلا يحتج به * واحتج أصحابنا بقوله تعالي (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) ووجه الدلالة من الآية لاشتراط المسجد أنه لو صح الاعتكاف في غير المسجد لم يخص تحريم المباشرة بالاعتكاف في المسجد لأنها منافية للاعتكاف فعلم أن المعنى بيان أن الاعتكاف إنما يكون في المساجد وإذا ثبت جوازه في المساجد صح في كل مسجد ولا يقبل تخصيص من خصه ببعضها الا بدليل ولم يصح في التخصيص شئ ء صريح *
(٤٨٣)