إذا جلس الإمام على المنبر ولا بأس به قبله وقال قتادة يتخطاهم إلى مجلسه وعن أبي نصر جواز ذلك بإذنهم قال ابن المنذر لا يجوز شئ من ذلك عندي لان الأذى يحرم قليله وكثيره وهذا أذى كما جاء في الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن يراه يتخطى أجلس " فقد آذيت " (الثالثة) قال أصحابنا لا يجوز أن يقيم الداخل رجلا من موضعه لما ذكره المصنف وسواء في هذا المسجد وسائر المواضع المباحة التي يختص بها السابق قال القاضي أبو الطيب وصاحب الشامل ويجوز اقامته في ثلاث صور وهي أن يقعد في موضع الامام أو طريق الناس ويمنعهم الاجتياز أو بين يدي الصف مستقبل القبلة قال في الشامل بشرط أن يضيق الموضع على الناس فان اتسع تنحوا عنه يمينا وشمالا ولا ينحوه أما إذا قام الجالس باختياره وأجلس غيره فلا كرهة في جلوس الداخل وأما الجالس فان انتقل إلى أقرب شئ إلى الامام أو مثله لم يكره وان انتقل إلى أبعد منه كره من غير عذر قال المصنف وغيره ودليل كراهته انه آثر بالقربة وهذا تصريح منهم بأن الايثار بالقرب مكروه (واما) قول الله عز وجل ويؤثرون على أنفسهم (فالمراد) به في حظوظ النفوس والايثار بحظوظ النفوس مستحب بلا شك وبينته تمام الآية (ولو كان بهم خصاصة) وقد يحتج لكراهته بقوله صلى الله عليه وسلم " لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله تعالى " وهو حديث صحيح سبق بيانه في باب موقف الامام (الرابعة) قال الشافعي وأصحابنا يجوز ان يبعث الرجل من يأخذ له موضعا يجلس فيه فإذا جاء الباعث تنحى المبعوث ويجوز ان يفرش له ثوبا ونحوه ثم يجئ ويصلي موضعه فإذا فرشه لم يجز لغيره أن يصلي عليه لكن له أن ينحيه ويجلس مكانه وينبغي أن ينحيه بحيث لا يرفعه بيده فان دفعه دخل في ضمانه ذكره صاحب البيان وغيره (الخامسة) إذا جلس في مكان من المسجد فقام لحاجة كوضوء وغيره ثم عاد إليه فهو أحق به للحديث المذكور في الكتاب وفى هذا الحق وجهان (أحدهما) يستحب (الثاني) أن يرده إليه ولا يلزمه وبهذا جزم المصنف وهو ظاهر نص الشافعي (وأصحهما) يجب عليه رده إلى الأول صححه أصحابنا وجزم به جماعة لظاهر الحديث قال أصحابنا وسواء ترك الأول في موضعه ثوبا ونحوه أم لا فهو أحق به في الحالين وسواء قام لحاجة بعد الدخول في الصلاة أو قبله اما إذا فارق لغير عذر فيبطل حقه بلا خلاف وسيأتي بسط هذه المسألة ونظائرها في أحياء الموات أن شاء الله تعالى (السادسة) إذا نعس في مكانه ووجد موضعا لا يتخطى فيه أحدا يستحب أن يتحول إليه نص عليه الشافعي واتفقوا عليه للحديث مرفوعا كان أو موقوفا ولأنه سبب لزوال النعاس
(٥٤٧)