(باب آداب السفر) هذا باب مهم تتكرر الحاجة إليه ويتأكد الاهتمام به وقد ذكره الماوردي والقاضي أبو الطيب والبيهقي وغيرهم في أواخر كتاب الحج ورأيت تقديمه هنا لوجهين (أحدهما) استباق الخيرات (والثاني) انه هنا انسب وقد بسطه البيهقي بسطا حسنا في كتابه السنن الكبير وقد جمعت أنا جملا كبيرة منه في أول كتاب الايضاح في المناسك وجملة صالحة في كتاب الأذكار مما يتعلق بأذكاره والمقصود هنا الإشارة إلى آدابه مختصرة وفى الباب مسائل (إحداها) إذا أراد سفرا استحب ان يشاور من يثق بدينه وخبرته وعلمه في سفره في ذلك الوقت ويجب على المستشار النصيحة والتخلي من الهوى وخظوظ النفوس قال الله تعالى (وشاورهم في الامر) وتظاهرت الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم " كانوا يشاورونه في أمورهم " (الثانية) إذا عزم على السفر فالسنة أن يستخير الله تعالى فيصلي ركعتين من غير الفريضة ثم يدعوا بدعاء الاستخارة وقد سبق بيانه وبيان هذه الصلاة وما يتعلق بها في باب صلاة التطوع (الثالثة) إذا استقر عزمه لسفر حج أو غزو أو غيرهما فينبغي أن يبدأ بالتوبة من جميع المعاصي والمكروهات ويخرج من مظالم الخلق ويقضى ما أمكنه من ديونهم ويرد الودائع ويستحل كل من بينه وبينه معاملة في شئ أو مصاحبة ويكتب وصيته ويشهد عليه بها ويوكل من يقضي ما لم يتمكن من قضائه من ديونه ويترك لأهله ومن يلزمه نفقته نفقتهم إلى حين رجوعه (الرابعة) في ارضاء والديه ومن يتوجه عليه بره وطاعته فان منعه الوالد السفر أو منع الزوج امرأته ففيه تفصيل نذكره إن شاء الله تعالى حيث ذكره المصنف في باب الفوات والاحصار (الخامسة) إذا سافر لحج أو غزو أو غيرهما فينبغي ان يحرص أن تكون نفقته حلالا خالصة من الشبهة فان خالف وحج أو غزا بمال مغصوب عصى وصح حجه وغزوه في الظاهر لكنه ليس حجا مبرورا وسأبسط المسألة في كتاب الحج ومذاهب العلماء فيها إن شاء الله تعالى (السادسة) يستحب للمسافر في حج أو غيره مما يحمل فيه الزاد أن يستكثر من الزاد والنفقة ليواسي منه المحتاجين وليكن زاده طيبا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) والمراد بالطيب هنا الجيد وبالخبيث الردئ ويكون طيب النفس بما ينفقه ليكون أقرب إلى قبوله (السابعة) يستحب ترك المماحكة فيما يشتريه لأسباب سفر حجه وغزوه ونحوهما من أسفار الطاعة وكذا كل قربة (الثامنة)
(٣٨٥)