بكل حال بعموم حديثي علي وصفوان رضي الله عنهما وبالقياس على الاغماء * واحتج أصحابنا بحديث أنس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينامون ثم يصلون ولا يتوضأون) وهو صحيح ذكرناه بطرقه في أول الفصل وعن أنس رضي الله عنه قال أقيمت صلاة العشاء فقال رجل لي حاجة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يناجيه حتى نام القوم أو بعض القوم ثم صلوا وفى رواية حتى نام أصحابه ثم جاء فصلي بهم رواهما مسلم في صحيحه وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل ليلة عن العشاء فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم خرج علينا وعن ابن عباس رضي الله عنهما (اعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا روى البخاري في صحيحه هذين الحديثين بهذا اللفظ وظاهرهما أنهم صلوا بذلك الوضوء وروى مالك والشافعي باسناد الصحيح أن ابن عمر رضي الله عنهما كان ينام وهو جالس ثم يصلي ولا يتوضأ وروى البيهقي وغيره معناه عن ابن عباس وزيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي أمامة رضي الله عنهم فهذه دلائل ظاهرة من الأحاديث الصحيحة والآثار * واحتج جماعة من أصحابنا بحديث عمرو ابن شعيب المذكور في الكتاب وبحديث حذيفة كنت أخفق برأسي فقلت يا رسول الله وجب علي وضوء قال لا حتى تضع جنبك وهذان الحديثان ضعيفان بين البيهقي وغيره ضعفهما وفيما سبق ما يغنى عنهما: وأما الجواب عن الحديث فهو أنه محمول على نوم غير الممكن وهذا يتعين المصير إليه للجمع بين الأحاديث الصحيحة: وأما قياسهم على الاغماء فالفرق ظاهر لان المغمى عليه ذاهب العقل لا يحسن بشئ أصلا والنائم يحس ولهذا إذا صيح به تنبه * واحتج من قال ينقض كثير النوم كيف كان دون قليله بحديث أنس أنهم كانوا ينامون فتخفق رؤوسهم وهذا يكون في النوم القليل ولأنه مع الاستثقال يغلب خروج الخارج بخلاف القليل واحتج أصحابنا بالأحاديث السابقة وليس فيها فرق بين القليل والكثير: والجواب عن حديث أنس انا قد بينا أنه حجة لنا وليس فيه فرق بين قليله وكثيره ودعواهم أن خفق الرؤوس إنما يكون في القليل لا يقبل:
وأما المعني الذي ذكروه فلا نسلمه لان النوم اما أن يجعل حدثا في عينه كالاغماء وهم لا يقولون به واما دليلا على الخارج وحينئذ إنما تظهر دلالته إذا لم يكن المحل ممكنا وأما المتمكن فيبعد خروجه منه ولا يحس به فلا ينتقض بالوهم * واحتج من قال لا ينقض النوم على هيئة من هيئات